قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وإن تعديا لواحد بلا همز فلاثنين به توصلا) قوله: (إن تعديا) الضمير يعود على (علم ورأى).
(لواحد بلا همز) وذلك كعلم التي بمعنى (عرف)، تقول: علمت زيداً أي: عرفته، فهنا تعدى لواحد، فإذا تعديا لواحد فدخلت عليهما الهمزة تعديا لاثنين؛ لأن هذه الهمزة تسمى همزة التعدية، حيث إنها تعدي الفعل إلى ما لم يتعد إليه من قبل.
تقول: رأى زيدٌ عمراً، هذه الرؤية بصرية، وهي تنصب مفعولاً واحداً، فإذا قلت: أريت زيداً عمراً، أي: جعلته ينظر إليه، نصبت مفعولين؛ لأنها كانت قبل الهمزة تنصب مفعولاً واحداً، فعندما دخلت عليها الهمزة نصبت مفعولين.
يقول رحمه الله: (والثان منهما كثاني اثني كسا فهو به كل حكم ذو ائتسا).
قوله: (والثان منهما) أي: الثاني من المفعولين فيما إذا تعديا إليه بالهمز، (كثاني اثني كسا)، وثاني اثني (كسا) ليس عمدة ويجوز حذفه بكسرة، ولهذا قال: (فهو به في كل حكم ذو ائتسا).
والفعل (كسا) ينصب مفعولين، لكن ليس أصلهما المبتدأ والخبر، ولهذا لا يصح أن يخبر بالثاني عن الأول، مثاله: كسوت زيداً جبةً، فهنا نصبت مفعولين، لكن هذين المفعولين ليسا بعمدة، ولهذا لو حذفت الثاني فقلت: كسوت زيداً، لصح، ولو حذفت الأول فقلت: كسوت جبة، لصح الكلام، ولو حذفتهما جميعاً فقلت: اليوم كسوت، لصح أيضاً؛ لأنهما ليسا بعمدة.
وعلامة ما يكونان عمدة: أن يصح الخبر بالثاني عن الأول، ومن المعلوم أنه لا يصح أن تخبر عن زيد بالجبة، فلا تقل: زيد جبة.
قوله: (فهو به في كل حكم ذو ائتسا) هذا الشطر تكميل لمضمون الشطر الأول؛ إذ إن الأول يغني عنه، فلو قال: والثاني منهما كثاني اثني كسا، لكان العموم يقتضي أن يكون مساوياً له في كل حكم، لكنه أكد ذلك في قوله: (فهو به في كل حكم ذو ائتسا).