قال المصنف رحمه الله تعالى: [أعلم وأرى: إلى ثلاثة رأى وعلما عدوا إذا صارا أرى وأعلما وما لمفعولي علمت مطلقا للثان والثالث أيضاً حققا وإن تعديا لواحد بلا همز فلاثنين به توصلا والثان منهما كثاني اثني كسا فهو به في كل حكم ذو ائتسا وكأرى السابق نبا أخبرا حدث أنبأ كذاك خبرا] قوله: (أعلم وأرى)، هذا عنوان باب، وهو في الحقيقة كالفصل لما سبق؛ لأنه متعلق به تعلقاً مباشراً، و (أعلم) أصلها: عَلِم، دخلت عليها همزة التعدية فصارت (أعلم)، تقول: علم زيدٌ عمراً قائماً، أي: علم زيد أن عمراً قائم، فإذا أدخلت عليها الهمزة قلت: أعلمَ الرجلُ زيداً عمراً قائماً، فـ (زيد) كان في الأول مرفوعاً، وصار الآن منصوباً لدخول همزة التعدية، ولهذا قال: (إلى ثلاثة رأى وعلما عدوا إذا صارا أرى وأعلما) قوله: (إلى ثلاثة): جار ومجرور متعلق بـ (عدوا).
رأى: مفعول (عدوا)، فإذا قال قائل: كيف تكون مفعولاً وهي فعل؟ قلنا المقصود اللفظ.
وعلما: الواو حرف عطف، علما: معطوف على ما قبله.
(إذا صارا) أي: رأى وعلم (أرى وأعلما)، فإذا صارا أرى وأعلما تعديا إلى ثلاثة.
وقوله: (عدوا) يحتمل أن يكون المراد النحويين، ويحتمل أن يكون المراد العرب، والأولى هنا العرب؛ لأن الحديث عن لسانهم.
مثاله: علم زيدٌ عمراً قائماً، نقول في الإعراب: علم: فعل ماض.
زيدٌ: فاعل.
عمراً: مفعول أول.
قائماً: مفعول ثان.
وإذا قلنا: أعلمت زيداً عمراً قائماً، تعدت إلى ثلاثة مفاعيل، فصار الفاعل أولاً مفعولاً من أجل التعدية.
وأرى كذلك، تقول: رأى زيدٌ عمراً قائماً، أي: علمه، وليس المقصود أبصره بعينه، كقوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج:6 - 7].
فإذا أردت أن أعديه إلى ثلاثة أقول: أريت زيداً عمراً قائماً، أي: أعلمته، فنجد الآن أنها تعدت إلى ثلاثة مفاعيل.