[وكعسى حرى ولكن جعلا خبرها حتماً بأن متصلا وألزموا اخلولق أن مثل حرى وبعد أوشك انتفا أنْ نزرا] قوله: (وكعسى حرى)، أي: في المعنى، و (عسى) سبق أنها من أفعال الرجاء، وعلى هذا فتكون (حرى) من أفعال الرجاء، فتقول: حرى زيدٌ أن يقوم، أي: عسى زيدٌ أن يقوم.
ولكن هناك فرق بينهما ذكره بقوله: (ولكن جعلا خبرها حتماً بأن متصلا).
قوله: (وكعسى حرى) الواو: حرف عطف، كعسى: جار ومجرور خبر مقدم.
حرى: مبتدأ مؤخر، وهو فعل لكن يراد به لفظه.
ولكن: الواو: حرف عطف، لكن: حرف استدراك، وهي هنا ليست عاطفة، فإن العطف بالواو، ولكنها مفيدة للاستدراك، فإن لم يكن معها حرف عطف صارت للاستدراك والعطف، كما لو قلت: ما زيدٌ قائماً لكن قاعداً، فتكون لكن: هنا حرف عطف جملة على جملة، أما إذا جاءت الواو معها فهي حرف استدراك فقط.
جعلا: فعل ماض، والألف للإطلاق، وهو مبني لما لم يسم فاعله.
خبرها: نائب الفاعل، وهو مضاف إلى (ها).
حتماً: مفعول مطلق، أي: جعل جعلاً حتماً، أي: لازماً.
بأن: جار ومجرور متعلق بمتصلاً.
ومتصلاً: مفعول ثان لجعل، ومفعولها الأول هو نائب الفاعل (خبرها)؛ لأن نائب الفاعل يقوم مقام المفعول الأول.
يقول المؤلف: إن حرى كعسى في الدلالة على الرجاء، لكن تخالفها في أنه يجب أن تتصل (أنْ) بخبر حرى، وفي (عسى) الأكثر أن يتصل، لكنه ليس بواجب.
إذاً: الفرق بينهما: أن (عسى) يكثر اقتران خبرها بأن، وأما (حرى) فيجب اقتران خبرها بأن.
يقول: (وألزموا اخلولق أنْ مثل حرى) الظاهر أن المراد بذلك العرب، أي: ألزموا حسب لغتهم اخلولق (أنْ) مثل حرى.
قوله: (ألزموا): فعل وفاعل، ألزم: فعل ماض، والواو: ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل.
اخلولق: مفعول أول لألزموا، وهو مراد لفظه، أي: ألزموا هذه الكلمة.
أنْ: مفعول ثان لألزموا، وهو أيضاً مراد لفظه.
مثل حرى: إما أن تكون مفعولاً مطلقاً أي: إلزاماً مثل حرى، أو تكون حالاً، أي: حال كونها مثل حرى، ومثل: مضاف و (حرى) مضاف إليه بإرادة اللفظ.
(وبعد أوشك انتفا أن نزرا): انتفاء: مبتدأ، وهو مضاف إلى أن.
وبعد: ظرف مكان منصوب على الظرفية بالفتحة الظاهرة، وهو مضاف إلى أوشك، ومتعلق بقوله: (نزر) أي: قل، وتقدير البيت: وانتفاء أنْ قل بعد أوشك.
يقول رحمه الله: إن العرب ألزموا اخلولق (أنْ) كما ألزموا حرى، أي: أنه يجب في خبر اخلولق أن يقترن بأن، فتقول: اخلولقت السماء أن تمطر، ولا يصح أن تقول: اخلولقت السماء تمطر.
والإعراب: اخلولق: فعل ماض، والتاء للتأنيث، واخلولق: يرفع الاسم وينصب الخبر.
والسماء: اسمها مرفوع بها وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره.
أن: حرف مصدر ينصب الفعل المضارع.
تمطر: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره، وهو خبر اخلولق، أي: اخلولقت السماء إمطارها؛ لأن (أن) تقدر وما بعدها بمصدر.
إذاً: تشترك اخلولق وحرى في لزوم (أنْ) في خبرهما، وفي معناهما، لأنهما بمعنى الرجاء، فهي مثلها في المعنى وفي العمل.