قوله: (مقاصد النحو بها محويه): المقاصد: جمع مقصود، يعني أن المقصود من النحو قد حوته هذه الألفية.
ومعنى محوية: مجموعة.
ثم بين أن هذه الألفية مع شمولها وجمعها لمقاصد النحو سهلة فقال: [تقرب الأقصى بلفظ موجز وتبسط البذل بوعد منجز] (الأقصى) يحتاج إلى مسافة طويلة، لكنها تقربه بلفظ قصير؛ لأن الموجز القصير، فهي تجمع لك شتات النحو البعيدة بلفظ قصير.
وقوله: (وتبسط البذل): يعني تبذل بذلاً موسعاً؛ لأن البسط بمعنى التوسيع، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الرعد:26] أي يضيق، فهي تبسط البذل، أي: توسع العطاء.
قوله: (بوعد منجز): يعني تعد بالعطاء ثم تنجزه بدون تأخير.
فجمعت بين أربع صفات: الأولى: تقريب الأقصى، أي البعيد.
والثانية: أن لفظها موجز ليس بكثير يمل منه الإنسان، فليس مما يقرأ ويقرأ ولا يحصل منه إلا فائدة قليلة.
الثالثة: أنها تبسط البذل، يعني: توسعه، والبذل هو العطاء، فهي توسع العطاء.
والرابعة: أنها تنجز ما وعدت.
ولا يخفى ما في هذا البيت من الاستعارة، حيث صور هذه الألفية بحي ذي إدراك وعطاء وبسط ووعد، وإلا فالألفية كلمات منظومة، لكن هذا يسميه علماء البلاغة استعارة، وهو كأن تستعير صفة الحي ذي الشعور والإرادة إلى جماد لا شعور له ولا إرادة.
قال ابن مالك رحمه الله تعالى: (وتقتضي رضا بغير سخط): أي: تستلزم رضاً بغير سخط، والمراد أنها تقتضي من القارئ رضاً بما يجد فيها من العلم.
وقوله: (بغير سخط) هذا من باب بيان أن هذا الرضا كامل لا يدخله سخط؛ لأن الرضا قد يطلق وإن كان فيه شيء من السخط، فإذا قال: (بغير سخط) تبين أنه رضا تام ليس فيه سخط.