قال: [المعرف بأداة التعريف].
ولم يقل: المعرف بأل؛ لأن من العرب من يعرف بأم، وهي لغة حميرية، إذ يجعلون بدل أل أم، فيقول: انظر إلى امقمر، أي: انظر إلى القمر.
المعرف بأداة التعريف هو الخامس من أنواع المعرفة؛ لأن أنواع المعرفة: الضمير، العلم، الإشارة، الموصول، المعرف بأل، والمضاف إلى واحد مما ذكر هو السادس.
لكن المضاف إلى واحد مما ذكر يكون معرفة بغيره، وأما هذه الخمسة الأنواع فهي معرفة بذاتها.
قال المؤلف رحمه الله: [أل حرف تعريف أو اللام فقط فنمط عرفت قل فيه النمط] (أل حرف تعريف أو اللام فقط) أو هنا تنويع الخلاف، يعني: أن النحويين اختلفوا: هل المعرِّف هي أل، أو اللام فقط؟ فمنهم من قال: إنها أل.
ومنهم من قال: إنها اللام فقط.
أما من قال: إنها أل، فقالوا: إن الإنسان ينطق بأل: القمر، الليل، الشمس، النهار وما أشبه ذلك.
والذين قالوا: إنها اللام فقط، قالوا: إن الهمزة هنا لم يؤت بها على أنها من أصل الأداة، لكن أتي بها لإمكان النطق بأل؛ لأن أل إذا كانت ساكنة فلا يمكن أن ينطق بها إلا بواسطة همزة الوصل.
وعلى هذا فإذا قلت: جئت من المسجد، هل نقول: إن الهمزة حذفت لالتقاء الساكنين، أو نقول: إن أصل الهمزة غير موجودة؛ لأنا لا نأتي بها إلا للضرورة، وهنا لا ضرورة.
وفي الكتابة: إذا أردت أن أكتب: من المسجد، إن جعلنا الهمزة من الأداة نأتي بها.
وإذا قلنا: الهمزة ليست من الأداة، وإنها تسقط إذا لم نحتج إليها، فلا نكتبها.
والخلاف في هذا ليس له كبير فائدة، والمتبع الآن هو أن نأتي بالهمزة ونكتبها رسماً، وإن لم تكن محتاجاً إليها.
قال: (فنمط عرفت قل فيه النمط) معنى (عرفت) أردت تعريفه.
وقوله: (نمط عرفت) قد يشكل، لماذا لم ينصبه مع أن (عرف) لم تنصب مفعولها؟ نقول: لأن (عرف) ليست منصبة على (نمط)، وإنما المعنى: فنمط أردت تعريفه، فيكون المراد بالتعريف هنا الإرادة، ومفعولها محذوف والتقدير: أردت تعريفه، ولهذا جاءت (نمط) مرفوعة.
والنمط نوع من البسط، وجمعه أنماط، كسبب وأسباب، يعني: فإذا أردت أن تعرف (نمط) فقل: النمط، وإذا أردت أن تعرف (بعيد) فقل: البعيد.
ولهذا تجد الفرق بين قولك لابنك: أعطني نمطاً، أو أعطني النمط، إذا قلت: أعطني نمطاً، أعطاك أي نمط، وإذا قلت: النمط، أعطاك النمط المعروف.
وإذا قلت: أعطني سجادة أريد أن أصلي، وفي البيت عدة سجادات، سيعطيك أي سجادة، وإذا قلت: أعطني السجادة، أتى إليك بالسجادة التي كنت تعتاد أن تصلي عليها.
فأل تعرف وتعين المراد.