[والحذف عندهم كثير منجلي في عائد متصل إن انتصب بفعل أو وصف كمن نرجو يهب] (والحذف عندهم) أي: عند العرب.
(كثير منجل) أي: واضح.
في عائد متصل منصوب بفعل أو وصف.
فإذا كان العائد منصوباً بفعل أو وصف وكان متصلاً فإنه يجوز حذفه.
مثاله: (كمن نرجو يهب)، (من) هنا ليست شرطية، بل هي اسم موصول بمعنى الذي، أي: كالذي نرجوه يهب لنا.
و (يهب) مرفوعة في الأصل لكن سكنت للروي؛ لأنه آخر البيت.
و (من نرجو يهب) أصلها من نرجوه يهب، أي: يهب لنا، الضمير في (نرجوه) متصل منصوب والناصب له فعل.
فانطبقت عليه الشروط.
ولو قلت: الذي إياه نرجو يهب.
لا يجوز؛ لأن الضمير منفصل.
فإذا قال المتكلم: أنا أريد ضميراً متصلاً، قلنا: إذا أردت الضمير المتصل فاتت الفائدة في الضمير المنفصل؛ لأن قولك: كالذي إياه نرجو، ليس كقولك: كالذي نرجوه.
فالجملة الأولى تفيد التخصيص والحصر، أما الثانية لا تفيد التخصيص والحصر.
ولهذا نقول: كالذي إياه نرجو، لا يجوز أن تحذف العائد فيها؛ لأنك لو حذفت العائد فيها اختل المقصود بالكلام وهو الحصر.
وإذا قلت: الذي لا نرجو إلا إياه يهب، فحذفت وقلت: الذي لا نرجو إلا يهب، لا يجوز.
فصار حذف العائد المنصوب يشترط فيه شرطان: الشرط الأول: أنه متصل.
والشرط الثاني: أنه منصوب بفعل أو وصف.
فإذا قلت: جاء الذي إنه قائم، وحذفت العائد وقلت: جاء الذي إنّ قائم، فالعائد منصوب ومتصل، لكنه منصوب بغير الفعل ولا الوصف، فلا يجوز حذفه.
وقد أتى المؤلف للفعل بمثال: كمن نرجو يهب، ومثال الوصف: جاء الذي راجوه يهب، بمعنى: نرجوه، فهنا يصح أن يحذف لأنه منصوب بوصف.
فإذا نصب بوصف أو فعل فإنه يجوز حذفه، أما إذا نصب بغيره فلا يجوز.
وإذا قلت: الذي أنا معطيكه درهم، وحذفت الهاء، وقلت: الذي أنا معطيك درهم، يجوز؛ لأنه منصوب بوصف، وهو معط.
وخلاصة ما سبق: أنه يجوز حذف العائد المنصوب بشرط أن يكون متصلاً، وأن يكون ناصبه فعلاً أو وصفاً.
والمؤلف يقول: إنه كثير، ولكنه ليس بأكثر، فالأكثر وجوده، لكن حذفه كثير.