قال المؤلف: [والنون من ذين وتين شددا أيضاً وتعويض بذاك قصدا].
ولكن لماذا لا نجعل المثنى من ذين وتين واللذين واللتين معرباً مع أن الإعراب ينطبق عليها تماماً، فهي تتغير باختلاف العوامل؟ وأيضاً التثنية تبعد مشابهتها للحرف الذي هو من أسباب البناء.
والقول بإعرابها قد قيل، وليس ببعيد لأن المعرب هو الذي يتغير آخره لاختلاف العوامل، وهذا يتغير آخره باختلاف العوامل تماماً، تقول: جاء الزيدان، ورأيت الزيدين.
وعلى هذا يكون إعرابهما على القاعدة المعروفة للمثنى، لكن هنا لا تقول: النون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، لأنه لا يوجد تنوين في الاسم المفرد، بل نعربها زائدة لتحسين اللفظ.
قوله: (وتعويض بذاك قصدا) المشار إليه التشديد، كأن قائلاً قال: لماذا تشدد النون في ذين وتين واللذان واللتان؟ فقال: تشدد لأن المقصود بذلك التعويض عما حذف من الذي والتي وهذا وهذي.
(الذي) حذفت منها الياء، و (التي) حذفت منها الياء، و (هذا) إذا قلنا: هذان حذفنا الألف التي قبل ألف التثنية، وكذلك حذفنا الألف التي قبل ياء التثنية.
فيقول: إنه قصد بهذا التنوين التعويض، ولكن هذا التعليل عليل في الواقع لأمرين: أولاً: لأنه لو كان المقصود التعويض لكان التشديد واجباً؛ لأنه إذا وجد السبب وجب وجود المسبب.
فلو قلنا: إن هذا تعويض عن الياء المحذوفة أو الألف المحذوفة في ذان لكان التشديد واجباً، ومع ذلك فليس بواجب.
ثانياً: نقول: إن التعليل الصحيح أن العرب نطقوا بهذا وبهذا، أما كون الياء لأجل التعويض فهذا منتقض فلا معول عليه.