قال المؤلف: [وجملة وما بمزج ركبا ذا إن بغير ويه تم أعربا].
(وجملة) الواو حرف عطف، جملة: مبتدأ خبره محذوف، والتقدير: ومنه جملة.
(وما بمزج ركبا) يعني: والذي ركب بمزج، أي بخلط، حيث تخلط الكلمتان حتى تكونا كلمة واحدة.
و (ما) هنا اسم موصول مبتدأ خبره محذوف.
(ذا) الإشارة تعود إلى أقرب مذكور وهو المركب تركيباً مزجياً، ومحلها من الإعراب مبتدأ.
وإن: شرطية، وفعل الشرط (تم).
وبغير ويه: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بتم.
أُعربا: فعل ماض مبني للمجهول، وهو جواب الشرط والتقدير: هذا إن تم بغير ويه أعرب، أي: وإن ختم بويه بني، كما هو المفهوم؛ لأن المفهوم يثبت له نقيض حكم المنطوق، فإذا كان المنطوق أنه إذا ختم بغير ويه يعرب فإن المفهوم أنه إذا ختم بويه يبنى.
قوله: (وجملة) يعني: من الأعلام ما يكون جملة، وهل الذي يكون جملة يعتبر منقولاً؟ نقول: نعم، هو منقول من جملة، والجملة قد تكون جملة فعلية، وقد تكون جملة اسمية، فمن الفعلية قولهم: شاب قرناها، أي: قرنا البقرة أو الشاة، وهو علم على رجل.
ومنه أيضاً تأبط شراً، فنقول: قام تأبط شراً، وضربت تأبط شراً، ومررت بتأبط شراً.
قيل: ومنه شمَّر اسم قبيلة، وأصل (شمر) فعل ماض، وخالف بعضهم: فقال: شمر ليس من باب الجملة؛ لأنه لم يذكر فيها المسند إليه وهو الفاعل، فلا يكون مركباً، وإنما المركب ما وجد فيه المسند والمسند إليه.
والمركب من جملة اسمية مثل: الشنفري، يقال أصله: الشن فرى.
وكذلك لو سميت شخصاً فقلت: الثغر باسم، تقول: جاء الثغر باسم، ضربت الثغر باسم، مررت بالثغر باسم.
والمركب من جملة يبقى محكياً بالجملة، أي: تبقى الجملة على ما هي عليه، ويقدر الإعراب على آخرها، فإذا قلت: جاء شاب قرناها، فإعرابه: جاء: فعل ماض.
شاب قرناها: فاعل مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية؛ لأننا نحكي الجملة كما هي.
ضربت الثغر باسم: ضربت: فعل وفاعل.
الثغر باسم: مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية.
مررت بتأبط شراً: مررت: فعل وفاعل.
والباء: حرف جر.
تأبط شراً: اسم مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية.
قوله: (وما بمزج ركبا)، يعني: وما ركب تركيباً مزجياً مثل قولهم: بعلبك اسم مكان، وحضرموت اسم مكان أيضاً، ومعد يكرب اسم رجل.
فهذا المركب تركيباً مزجياً يعرب بالحركات على آخره، لكنه يعرب إعراب ما لا ينصرف، فتقول مثلاً: سكنت بعلبكَ، وهذه بعلبكُ، ومررت ببعلبكَ.
هذه بعلبك: هذه: مبتدأ.
بعلبك: خبر المبتدأ مرفوع بضمة ظاهرة في آخره.
وسكنت بعلبك؛ بعلبك: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
ومررت ببعلبك؛ بعلبك: اسم مجرور بالباء وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه اسم لا ينصرف، والمانع له من الصرف التركيب المزجي.
إذاً: المركب تركيباً مزجياً يعرب إعراب الاسم الذي لا ينصرف، فيعرب بحركات على آخره، إلا أنه يجر بالفتحة نيابة عن الكسرة.
قوله: (ذا) أي المركب تركيباً مزجياً إن تم بغير ويه أعرب كما سبق، فإن تم بويه فإن المشهور عندهم أن يكون مبنياً على الكسر؛ لأن أصل (ويه) اسم فعل، وأسماء الأفعال كلها مبنية، مثال ذلك: سيبويه، فهو اسم مركب تركيباً مزجياً، فتقول: هذا سيبويهِ، وأكرمت سيبويهِ، ومررت بسيبويهِ، بالبناء على الكسر.
ومن ذلك خالويه، اسم رجل مركب من (خال) ومن (ويه)، ومنه: نفطويه مركب من (نفط) و (ويه)، وهو من علماء النحو، ويقال: إن رجلاً قرأ علم النحو وعجز عنه، فدعا عليه قال: لا بارك الله في النحو ولا أهله إذ كان منسوباً إلى نفطويه أحرقه الله بنصف اسمه وجعل الباقي صراخاً عليه نصف اسمه (نفط)، والباقي (ويه).