أما علامات النكرة ففسرها المؤلف بقوله: [نكرة قابل أل مؤثرا أو واقع موقع ما قد ذكرا] هذا التعريف تعريف بالعلامة، فهو تعريف بالرسم، والتعريف بالرسم ليس تعريفاً تاماً بل هو تعريف رسمي لا ذاتي وتعريف النكرة الذاتي قد سبق، وهو: أنها كل اسم شائع في جنسه لا يختص به واحد دون آخر، وتعريفها الرسمي هو التعريف بالعلامة كما ذكره المؤلف رحمه الله قال: (نكرة قابل أل مؤثرا) يعني: النكرة كل اسم يقبل أل مؤثرة التعريف، مثل (رجل) فهو اسم عام تدخل عليه أل فيقال: (الرجل) فأثرت فيه، لأن الرجل مفهومه غير مفهوم رجل، مفهوم (الرجل) أنه رجل معين.
(رسول) نكرة، (الرسول) معرفة، قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل:16]، فانظر الفرق بين الرسول الأول الذي نكر (رسولاً)، والثاني الذي عرف (الرسول).
وقوله (قابل أل) خرج به ما لا يقبل أل، فإنه لا يكون نكرة، مثاله الضمائر، مثل: أنا، هو، والكاف من (أكرمك).
وقوله: (مؤثراً) خرج به ما يقبل أل لكن لا تؤثر فيه التعريف، مثل (عباس) فهو يقبل أل تقول: (العباس) لكن أل لا تؤثر فيه؛ لأن عباساً معرفة سواء أدخلت عليه أل أو لم تدخلها عليه، فهي لا تؤثر شيئاً.
إذاً: عباس علماً وليس نكرة.
فإذا قال قائل: كيف لا يكون نكرة وهو يقبل أل، فتقول: عبد الله بن عباس وعبد الله بن العباس العباس بن عبد المطلب، عباس بن عبد المطلب؟ نقول: نعم هو يقبل أل لكن لا تؤثر فيه التعريف لأنه علم، فهو معرفه سواء دخلت عليه أل أو لم تدخل.
فإن قلت: عباس وصفاً لا علماً، فهو نكرة، ولهذا تصف به النكرة فتقول: (رجل عباس)، وإذا دخلت عليه أل أثرت فيه التعريف.
إذاً: فلو سألك سائل فقال: هل عباس نكرة أو غير نكرة؟ ف
صلى الله عليه وسلم فيه تفصيل: إن أردت به علماً فليس بنكرة، وإن أردت به وصفاً فهو نكرة، وهكذا ما شابهه في ذلك مثل الضحاك وضحاك.
إذاً: كل اسم يقبل أل وتؤثر فيه التعريف فهو نكرة، فإن لم يقبل أل فليس بنكرة.
وإن قبل أل لكن لم تؤثر فيه التعريف لكونه معرفة من قبل دخولها فليس بنكرة.
ويرد على هذا كلمة (ذو) بمعنى (صاحب) فهي نكرة ولا تقبل أل، تقول: جاءني رجُل ذو مال.
فـ (ذو) صفة لرجل ورجل نكرة، والنكرة لا توصف إلا بنكرة مع أن (ذو) لا تقبل أل؟ ويمكن أن نجيب عن هذا فنقول: إن حجة النحويين نافقا يربوع، إذا حجرته من بابه خرج من جهة أخرى؛ قالوا: إن (ذو) واقعة موقع ما يقبل أل، ولهذا قال ابن مالك رحمه الله كغيره من العلماء: [أو واقع موقع ما قد ذكرا].
إذاً: تخلصوا من الإيراد بأن (ذو) بمعنى صاحب، فقولك: جاءني رجل ذو مال، أي صاحب مال، وصاحب تقبل أل وتؤثر فيها التعريف فتقول: هذا رجل صاحب فلان، وتقول: هذا الرجل الصاحب.
فلما كانت (ذو) واقعة موقع ما يقبل أل المؤثرة فيه التعريف صار لها حكمها، فصارت نكرة.
الخلاصة: النكرة لها تعريفان: تعريف ذاتي، وتعريف رسمي.
التعريف الذاتي للنكرة: كل اسم شائع في جنسه لا يختص به واحد دون الآخر.
والرسمي: هو التعريف بالعلامة، فالنكرة كل اسم يقبل أل مؤثرة فيه التعريف.