بالمصدر، ولم يقتصر في إذا وفاء الجزاء وغيرهما على ذلك. فالحاصل أن ما أمكن تقديرهُ قياسا لا يستلزم أن يكون منطوقًا به، فثبت أنّ معنى سدّ المصدر أنّ، أو عدم ذلك، كونه موجودًا في السماع كذلك، إلا أنك تقيس على مواضع الفتح أو الكسر ما كان في معناها.
والجواب عن الثاني أن يقال: إِنّ هذه المواضع قد ترجع إلى ما ذكر:
أَمّا نحو: زيد إِنّه قائم، فإن الخبر هنا وقع جملة، فأصلُه الأول جملة الخبر، وجملة الخبر في الأصل مستقلّةٌ، ووقوعُها خبرًا عارضٌ، وإذا كان كذلك فلم تقع إِنّ إلا في الابتداءِ، فوجب الكسر.
وَأَما إنّ زيدًا لقائم، فهو الذي قال فيه: «وكسَرُوا من بعد فِعْلِ عُلقا .. باللامِ»، لأن إنّ إذ وقع اللام في خبرها فإما أن يتقدّمها فِعْلٌ يطلبها أولا، فَإِنْ تقدّم فهو الذي قال، إذ لا يكون إِلا من أفعال التعليق، وإلا فإنّ مكسورةٌ كان معها اللام أم لا. فما فعله الناظم هنا أولى من عَدّدهِ موضعًا ثانيًا لوقوعها في الابتداءِ، وهو كون اللام في خبرها، فإنه كلام متداخل غير مُحَرّرٍ.
وأما ألَا فهى كلمة تدخل على الكلام لتنبيه المخاطب لسماعه، فهي بمنزلة قولك: اسمعْ، أو تَنبّهُ، أو نحو ذلك، ثم يقع بعدها الكلام المبتدأ، فلما أنّ قولك: إن زيدًا قائم، بعد تتبّع كلامٌ وإنّ فيه في الابتداءِ فكذلك ما في معنى ذلك، وهو ألا.
وأما كَلّا فهي أداةُ زَجْرٍ عما تَقَدّم من الكلام، فهي رد لهوزجرٌ عنه، وما بعدها مستأنف، فإن بعدها في محل الابتداء.
وأما حتّى فبمنزلة ألَا؛ من حيث إِنّ كل واحدةٍ منهما يقع بعدها الكلامُ المبتدأ، فإنّ بعدها واقعة في الابتداء بهذا المعنى.