في هذا الباب خبرين، فلذلك استثناهما الناظم بقوله: «إلّا في الّذى كليت فيها» .. إلى آخره، فأشار إلى أَنّ الترتيب المذكور لا يلتزم فيما كان مثل هذين المثالين، بل يجوز أن تخالف في الترتيب المذكور، فتقدم الخبر على الاسم فتقول: ليت فيها غير البَذِئ، وليت هُنَا غير البَذِئ. ولَفّ المثالين في مثال واحد، لِفَهْمِ ذلك، وكأنه قال: راع/ الترتيب المذكور إلا إذا كان الخبرُ ظرفًا كليت هنا غير البَذِىْ، أو مجرورًا كليت فيها غيرَ البَذِئِ، فإن ذلك أَنْ تأتى بالكلام على هذا الوجه من توسيط الخبر.
وهذا التمثيل أعطى موضع مخالفة الترتيب، لأنه أتى بالخبر متوسطًا بين الحرف واسمه، فَيُتَقيد بما عيّن، فلا يجوز أن يتقدّم الخبر عليهما معًا فلا تقول: فيها ليت غير البذئِ، ولا: هنا ليت غير البذئِ. فالمثال إذًا أعطى قيدين: قيدًا في الخبر المتصرّف فيه، وهو كونه ظرفًا أو مجرورًا، وقيدًا في صورة التصرف، وهو التوسيط خاصّة. وهذا ظاهر، وأما تقديمُ معمولِ الخبر فلم يجر له هنا ذِكْرٌ، ولعلّه تركه لأنه ذكر في باب كان قاعدة تشمل هذا البابَ وغيره في قوله:
وَلَا يَلِى العَامِلَ مَعُمُولُ الخَبَرْ
إِلّا إِذَا ظَرْفًا أَتَى أَوْ حَرْفَ جَرْ
فاستغنى بذلك عن الإعادة هنا، أو ترك ذلك اتّكالا على القياس؛ لأن العلة واحدةٌ في الجميع.
وتقولُ على ما تقتضيه القاعدة: إنّ في الدار زيدًا قاعدٌ، وإن مكانك زيدًا قاعدٌ. ومنه ما أنشد سيبويه، من قول الشاعر: