هذا كلامه على بسط بعض ما فيه مع تحرّى معناه، وهو كما ترى وارد ويصعبُ الجواب عنه. ولكن نجيب بأن نقول: إنّ أنْ والفعلَ وقعت في اللفظ مع عسى موقع الاسم المرفوع، فإنه مفرد في التقدير، لكن لما كان الخبر في المعنى واقعًا في صلة أَنْ، وهو الفعل الموالى لأن استغنى به عن ذكره؛ إذ لا يحتاج إليه من جهة المعنى مع وجوده، فلم يقع المفرد موقع الجملة، وإما وقع المفردُ موقع المفرد، واتفق أن ما في صلة المفرد سدّ مسدّ الخبر، كما اتفق الفارسىُّ معنا على أَنّ «أَنْ» مع ظنت واقع موقع المفرد، وسدّ ما في صِلَتِه مَسّدّ المفعولِ الثّاني، وهو خبرُ المبتدأ في الأصل، فمسألة حَسِبَ نظيرة مسأة عسى، وهو ما تقدّم ذكره، ولا يبقي بعد ذلك أشكال.
والمذهب الثاني مرجوعٌ؛ فإنه إخراجٌ لهذه الافعال عما ثبت فيها إلى أمر محتمل، وأيضًا فإن أمكن ذلك في غير عسى فلا يمكن في عسى لأنها غير متصرّفة، ولا دالّة على حدث ولا زمان، فكيف تعدّى [تعدية] الفعل المتصرف وتجعل دالّةٌ على معناه من الحدث والزمان؟ هذا خلاف المقرر فيها؛ فإنْ جَعَل ذلك أمرًا معنويًا لم تخرج به عسى [عن] أن تكون من النواسخ؛ لأن الادوات قد تتحمّل معاني الافعال الصحيحة، ولا تخرج بذلك عن حكمها المستقرّ فيها، كليت وكأنّ وأسماء الإشارة ونحوها.
والمذهب الثالث إيضا، فيه ما في الثاني ويزيد محذورًا آخر، وهو أنه لو كان كما قال للزم إبرازُ الضمير مطلقًا واتصاله بعسى إذا كان ضمير مخاطب، فكنت تقول: عسيت أن تقوم، ولا يجوز على ذلك أن تقول: عسى أن تقوم، إلا