ما ألقِيه إليكَ:
فأما الخلاف في المعنى فإن ابن الحجب في مُقَدِّمته النحوية جعلها من أفعال الشروع، فقال في أفعال المقاربة: هى ما وُضِع لدُنُوِّ الخبر رجاءً أو حصولًا أو أخذًا فيه». ثُمّ لمّا عدّ أفعال الأخذ فيه عدّ في جملتها كَرَبَ. وهذا نص فيما قلته، وأحسب أنه ليس بمذهبٍ اخترعه، بل هو ناقلٌ أو آخذ بمذهب غيره. وللزمخشرى عبارة تشعر بما نصّ عليه ابن الحاجب فقال في المفصل: «ومنها كرب وأخذ وجعل وطفق». فلعلّ الناظم أشار إلى هذا الخلاف المعنوى.
وأما الخلاف في حكم اللفظ فإن شيخنا -رحمة الله عليه- رأيت بخطّه عند هذا الموضع تنبيهًا على وجود الخلاف، وأنّ ثَمّ من يقول: إن كَرَبَ مخالفة لكاد؛ فإنّ الأكثر في كاد عدم لحاق أَنْ، وفي كرب اللحاقُ وعدمُه سِيّانِ، لا مزيّةِ لأحدهما على الآخر. وهذا المذهب ظاهر -لَعَمْرِى- من نصّ التسهيل والفوائد للمؤلف، وما ذهب إليه هنا موافق لجمهور الناس، حيث جعلوا لحاق أَنْ مع كرب نادرًا، والذى شرح فيه ابنُ الناظم هذا الموضع غيرُ ما تقدّم، بل قال: ولم يذكر سيبويه في كَرَب إلا تجريد خبرها من أَنْ، لذلك قال الشيخ -يعنى أباه-: «وَمِثلُ كادَ في الأَصحِّ كَرَبا» انتهى. وكأنه بنى على أن الناظم خالف سيبويه حين لم يذكر في كَرَب دخولَ أَنْ؛ إذ لم يحفظه، بخلاف كاد عنده فإن حكى فيها دخولَ أَنْ، فكأنّه يقول: الأصحّ كونُ كرب أختُ كاد في صحة