فرق بين الفعلين فقد تعسّف! ولذلك أقرّ سيبويه بذلك فاحتاج إلى التفصيل المذكور حملًا على النظير ووقوفًا مع الظاهر. وعند ذلك يقال للفارسي: ما تقول في نحو: كاد زيد يقول؟ هل كاد هنا داخلةٌ على المبتدأ والخبر أم لا؟ فإن/ قال: نعم، فقد أَقَرّ على الجملة بِما أنكر من قبل. وإن قال: لا، قيل له: فما الفرق بين ذلك وبين جعل زيد يقول في أن أقررت بأن هذا من النواسخ والآخر ليس كذلك، بل الحكم في الجميع واحد وإنما يبقى الاعتراض بدخول أَنْ، وقد تقدّم تأويلها على وجه سائغ لا إشكال فيه، وعند ذلك لا يبقى ما يمنع الاطراد في دخول هذه الأفعال على المبتدأ والخبر، فهو أولى من تقسيمها إلى قسمين وكلّ ما كان في معنى عسى وكاد جارٍ مجراهما فيما ذكر.
ولنرجع إلى كلامه. ثم قال: لكن نَدَرَ كذا، يعنى أنّ الغالب والشائع في كلام العرب أن يكون خبرُهما فعلًا مضارعًا فتقول: عسى زيد أن يقوم، وكاد زيدٌ يقوم. وإنما التزموا ذلك في خبارهما لأن معانيهما ومعاني سائر أفعال الباب التقريب، وذلك لا يكون إلا في الأفعال، فالتزموا في خبارها ذكر الأفعال، تنبيها على معانيها.
وتنبيهُه على اختصاص هذين الفعلين بما ذكر من الحكم -وإن كان سائر الأفعال كذلك- بيان أنهما هما المختصان بورود خبرهما غير فعل، لأن غيرهما لا يكون فيه ذلك، بل المضارع فيها لازم. على لأنه قد