بعدها منصوبةً، فالمرفوع محذوف تقديره: ولات حينُ ينادَوْنَ فيه حينَ مناصٍ. وكذلك يقدّر في سائر المواضع. وأما العكس، وهو حذف المنصوب وإبقا المرفوع، فقليل كما قال؛ فحكى سيبويه أن بعضهم قرأ: {ولاتُ حينُ مناصٍ}، برفع الحين؛ قال سيبويه: «وهي قليلةٌ». وعلى هذا يكون الخبر محذوفًا، أى: ولات حينُ مناصٍ حينصا ينادَون فيه. وكذلك يجوز رفع ما بعد لات في الأبيات على ذا القليل. وإنما جاز حذف المرفوع هنا -وإن كان الأصلُ ألا يحذفَ؛ إذ هو بارتفاعه بلات يشبه الفاعل، والفاعل لا يحذف- لأن أصل الكلام بعد لا الابتداءُ والخبر، فكما جاز حذفُ المبتدأ جاز حذف هذا. ولا يشبه هذا ما يرتفع بكان؛ لأن مرفوع كان بمنزلة ما يرتفع بالفعل الصريح؛ لأن تصرفها كتصرّفه، بخلاف لات فإن المبتدأ معها كأنه غير معموله لها، لما لم يصحّ إضماره فيها؛ ألا ترى أنك لا تقول: زمانُك لات زمانًا صالحًا، كما تقولُ: كان زمانا صالحًا، فكأنهم اعتبروا فيها هذا المعنى، فأجازوا حذف اسمها. وهذا تعليلٌ بعلّة قاصرة؛ إذ يلزم جواز الحذف في اسم ما ولا وإِنْ. وأما حذف الخبر دون الاسم فللشبه بالفضلة. وهذا أيضا تعليل قاصرٌ. وأما وجهُ كثرةِ حذفِ المرفوع وقلّةِ حذف المنصوب؛ لأن هذا الباب محمولٌ على بابِ كان، وقد ثبت أَنّ المنصوب في باب كان قائمٌ مقام معنى المصدر، فهو كالجزء من الفعل، بخلاف الاسم؛ ولأن الخبر به تمام الفائدة كما تقدّم، فلم يَسُغ حذفه في باب كان، وحُملَ لات على باب كان في ذلك.