كثيرًا». وإذا كان السماع فيها كثيرًا عنده، فهى في درجة ما أو قريبًا منها، فكما صحّ القياس في ما لكثرة السماع، صحّ في لا. وأما لات فإن القلة فيها ثابتة على الجملة، لأنها لما اختَصّ عمها بموضع واحد -وهو الحين- كان ذلك بالنسبة إلى ما تحتمله في القياس قليلا، وإن كان في موضعه المختصّ كثيرا. وعلى الاعتبارين يُحْمَلُ كلامه في الموضعين. ولا يتناقص؛ فقوله: «وَقَدْ يَلِى لَاتَ» باعتبار أن لها موضعًا واحدًا من كثير. وقوله: «فَشَا» باعتبار كثرتها في ذلك الموضع الواحد. وأَمّا القاعدةُ الأُصولية فصحيحة، ولا يلزم من صحتها اعتراض؛ وذلك لأن إِنْ مخالفة للقياس معارضةً به، وهو كونُ الإعمال على خلاف القاعدة لعدم الاختصاص. فالأصل في ما ولا وغيرهما أن لا تعمل؛ لكن جاء ذلك في ما كثيرًا شائعًا ثابتًا لغةً، فلم يكن بدُّ من إطلاق القياس فيها وإلّا خالفنا أهل الحجاز كلّهم. وأما إِنْ فلم يأت فيها من السماع ما يخرجها عن الأصل الأول من عدم الإعمال حتى تكون في درجة ما، فَأَخَذها الناظم في القياس من حيثُ قلةُ السماع، فلم يطلقه فيها، ولمعارضة الأصل الأوّل. ولم يِقْفها على السماع لمجيئها في القرآن (في قراءةٍ)، ولاعتبار الشبه بما. ومن ههنا يفهم قصده في لا، حيث لم يُقَيِّدها بقلّة لما كثر عنده من السماع فيها، فألغِىَ المعارض كما أُلغِىَ في ما باتفاق؛ فإذًا لا يصحُّ قياسها في إطلاق الإعمال على ما؛ لأنّ في «ما» ما ضَعّف المعارضَ وهو كثرةُ السماع، وليس كذلك في إنْ، فبقي المعارض على قوته. وإذا فُهِم هذا ظهر أن القياس على ما لا يصحّ في إِنْ، على فرض عدم السماع البتّةَ، لعدم قبول القياس الأَوّل له، (فَنفهم هذا