اعلم أن عادة الناظم -رحمه الله- أن يتكلّم في بعض الأبواب على جملة من أحكام التوابع، كما فعل هنا، وفي باب إنّ ولا، وباب اسم الفاعل، والمصدر، والنداء. وغير ذلك من الأبواب. ويَرِدُ عليه في بادئِ الرأى سؤالٌ، وهو أن يقال: إِنّ باب التوابع قد ذكره، وبيّن أحكام التوابع وما يختصُّ بكل واحد منها، فكان من الواجب أن يقتصر على ما ذكره هنالك، وعليه يجري الحكم ههنا وفي كل باب، فَلِمَ فعل من ذلك ما فَعَل؟
والجواب: أَنّ هذا المَنْزَعَ هو شان أئمة هذا الشأن، وإنما سلكوا في طريقه لأن الأحكام المتعلقة بالتوابع على ضربين:
أحدهما: الأحكام العامة التى لا تختصّ بمسألة دون أخرى.
والثاني: ما يختَصُّ منها ببعض الأبواب دون بعض.
فالأَوّلُ لم يذكر منه في هذه الأبواب شيئًا. وأما الثاني فهو الذى ذكره في مواضعه حيث احتاج إليه؛ إذ هو متعلّق به، كمسألتنا هذه؛ فإنّ مُطلق العطف لا يمشى هنا، لاقتضائه النصبَ في العطف على المنصوب مطلقًا بأىّ حرف كان، فكنتَ تقولُ: ما زيدٌ قائما بل قاعدًا، وما زيدٌ باكيا ولكن ضاحكا. وهذا لا يصحُّ، فلم يكن بُدٌّ من التنبيه على العطف هنا بهذين الحرفيين خاصّة، لتعلم مخالفتها لسائر حروف العطف. وترك ذكر سائر التوابع إذ لا يتعلّق بهذا لاباب فيها خاصٌّ، كما أنه لم يذكر باقي حروف العطف؛ إذ لا مزيد على الحكم المطلق فيها، وكذلك سائر الأبواب التى ذُكِر فيها حكم من أحكام التوابع ثم نرجع إلى كلامه فقوله: «وَرَفْعَ مَعْطُوفٍ». رَفْعَ: منصوب بالزم. وبلكن: متعلّق بمعطوفٍ. ومِنْ بَعْدِ: متعلّق باسم فاعل هو صفة لمعطوف والعامل فيه رَفْع. وبِمَا: