فلا مبالاة بخلوها من الإسناد، كما أن «قَلّ» في: قلّما يقوم زيد، لما أشبهت ما النافية عَرِيَتْ عن الإسناد فلم تفتقر إليه، وكالفصل لما قُصِد به قَصْدَ الحروف لم يكن له موضع من الإعراب، وكان عاريًا من الإسناد إليه أو إسناده. وأيضًا فإنها قد زيدت بين الجارّ والمجرور، فلو نُوِى معها فاعلٌ لزم الفصلُ بين الجارّ والمجرور بجُملةٍ، وذلك معدومُ النظير، وإذا نُوِى الفصلُ بها وحدها كان فصلًا بكلمة واحدة، ولذلك نظائر، وما له نظير أولى بالالتزام مما لا نظير له.

وأما قوله: «كَانُوا كِرامِ». فإنه نادرٌ، وأيضًا فقد تأوّله الناس على أحد وجهين: إِما على أَنّ كان ناقصة، والخبر: لنا. وهو رأىُ المبرد. وإِما على أنّ أَصل الضميرب توكيد للضمير في «لنا»، والتقدير: وجيران لنا هم كرام، فلما زِيدَتْ كان كرهوا كون التوكيد بعدها بصورة الضمير المنفصل من غير داعية، فوصلُوه بها إصلاحًا للفظ.

وقد احتُّجوا بظننتُ وأخواتها فإنها زِيدتً مع فاعلها باتفاقٍ ولم يكن محذورًا. فكذلك هنا.

وللناظم أن يجيب بأنهم قالوه حيث تعيّن، إذ لا بدّ من القول به، ولم يتعيّن ذلك هنا، فلا ينبغي أن يقال به مع إمكان العدول عنه، فالقياسُ على باب ظننت غيرُ ناهضٍ مع وجود الفارق.

والرابعة: أَنّه عيّن للزيادة موضعًا واحدًا، وهو الحشوُ، فقال: وَقَدْ تُزَادُ في حَشْوْ، وَحَشُو الكلام: أثناؤُه ووسطُه، فهذا عنده من شرط الزيادة، فإذًا لا تزاد في أول الكلام ولا في آخره. أما أوله فإنه محل الاعتماد، وتقديمُ الشىّءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015