أُتِي بها استدراكًا للدلالة على الزمان، كما يُؤْتَى بأفعال القلوب استدراكًا للدلالة على وَجْهِ حُصُولِ الخبر من العلم أو الظن. ويقع النظرُ هنا في ستّ مسائلَ:
إحدها: في تخصيصه كانَ من بين سائر أخواتها؛ إذ لم يذكر ذلك في غيرها، وذلك في مشهور الكلام صحيح؛ لأنّ كان أصلٌ لكلِّ فعلٍ وحدثٍ، وأصل في هذا الباب لسائر أفعاله، فتصرّفوا فيها لذلك ما لم يتصرّفوا في غيرها. فأما أصلٌ لكلّ فِعْلٍ وحدث فلأنه يصحُّ أن يُعَبّر بالكون عن كُلّ فعل، فتقول في ضرب وقام وخرج وذهب وأكل: ضربٌ، أو قيام، أو خروج، أو ذَهابٌ، أو أكلٌ. وكذلك ما أشبهه. وأما أنها أصلٌ في هذا الباب فلأن كلّ فعل فيه يصحّ تعويض «كان» منه، بخلاف سائر الأفعال، فإنها ليست كذلك -فتصرفوا في كان بالزيادةِ والحذف. وجملةُ ما تصرفوا به فيه: الزيادةُ -وهاهى ذى- والحذفُ جملة، وحذف لامها. وكلٌّ قد ذكره الناظم.
وقد أتى في النادر زيادةُ غيرها من أفعالِ هذا البابِ، وذلك: أصبح وأمسى، في قولهم: ما أصبح أَبْرَدَها! وما أمسى أدفأها! ثبت في الكتاب وليس من كلام سيبويه. وهو من الشاذّ، فلم يَعْبَأْ به.
والثانية: أنه خصّ «كان» دون «يكون»، فدلّ ذلك على اختصاص الزيادة بها، وإلّا فكان يقول: وقد يزادُ فِعلُ الكون، أو ما يعطى هذا المعنى، وهذا صحيح. وسبب الاختصاص تعيينُ الزمان في «كان» دون المضارع. وشذّ زيادة المضارع كقول أم عقِيل بن أبي طالب، أنشده المؤلف: