غير ظاهره، بل هو متأوّل فقال: «وَمُضْمَر الشّأْنِ/ اسْمًا انْوِ».
مضمر: مفعول بأنو. واسمًا: حال من مضمر الشأن.
ويعنى أنه إِنْ وَقَع من كلام العرب ما يُوهِمُ جَوَازَ ما ذكرتُ امتناعَه، فليس بمخالف في الحقيقة، ما هو راجعٌ إلى ما يجوز، وذلك إذا أضمرت في كان ضمير الأَمْر والشأن. والذى نَبّه عليه قول الشاعر، أنشده السيرافىّ وغيره:
قَنَافِدُ هَدّاجُونَ حَوْلَ بُيُوتِهِمْ
بِمَا كَانَ إِيّاهُمْ عَطِيّةُ عَوّدَا
فهذا مثل قولك: كان طعامَك زيدٌ آكلا، وكانت زيدًا الحُمّى تَأْخُذُ. وقد تقدّم منعُه، حملُه على أنّ في كن ضمير الشأن، أى: بما كان الأمر إيّاهم عطيّةُ عَوّدا. وإذا أمكن هذا التقديرُ صارتِ الجملةُ بعد كانَ على وجهٍ جائزٍ؛ لأنك تقولُ: أخاك زيدٌ ضارب، وأخاك زيدٌ ضَرَبَ إذا ثبت هذا فقد وقعت الجملةُ مستقلّةً، وهى مفسرةً ضمير الأمر والشأن، ولم يل معمولُ الخبر فيها العامل الذى كان، فلم يَبْقَ إشكالٌ. وإنما احتاج إلى هذا الاعتذار لأن الكوفيين أجازوا ما منعه من المسألتين بهذا البيت.
وقد تَقَدّم عن السيرافىّ اعتذارٌ ثانٍ، وهو الحملُ على زيادة كان. وأيضًا فهو من النوادر التى لا تكاد توجدُ إلا ضرورة، ولو كَثُر في السماعَ لأُجيِزَ، بل تقديمُ المجرور الذى هو جائزٌ عند الجميع قليلٌ لسماع حتّى إِنّ الفارسىّ قال: لم أعلم شيئًا من ذلك مرّ بي في كلامهم -يعنى- والله أعلم- مُتَعيِّنا للتقديم وإلا فقد أتى سيبويه بالآية والبيت المتقدمين،