وبقولك: أعجبني [كون] زيد قائمًا. وهو كثير الاستعمال، وبأنّ كائنا في نحو: زيدٌ كائنٌ أخاكَ لا يخصّ زمانًا، قال: فلو لم تدلّ على حدثٍ لم يَكُنْ لها معنًى، وإن أردت فيها تخصيص الزمانِ جئت بالظرف المختصّ.
واعلم أن هذه الأدلّة كلّها قابلةٌ للنظر، ومحتملة للبحث، وغالبها أو جميعُها لا ثيبتُ عند التحقيق الذى حقّقه الجمهورُ، وقد بَيّنتُ ذلك في غير هذا. ولولا أن القصدَ توجيهُ ما ذهب إليه في هذا النظم المُتَعرضُ لشرح مقاصده دون النظر في تحقيق المسائل على الإطلاق، لبينتُ ذلك، ولكنى التزمت الانتصار لمذاهبيه والترجيح لها على غيرها ما قدرتُ على ذلك. فإذا لم أجد في انتحاله للاصابة مذهبا صرحتُ بما هو الحقُّ عندى وعند أئمة هذا الشأن. فهذا هو القصد هنا، والله المستعان.
فإن قيل: كيف قال: «وذُو تَمامٍ مّا بِرَفْعٍ يَكتَفِى». وهذا إنّما يصدقُ على ما كان منها غير متعدٍّ، وأمّا ما تعدّى منها إلى مفعولٍ به، فهو من جهة معناه غير مكتفٍ بالمرفوع دون أن ينصب ما يقتضيه من المفعول، كصار ضَمّ أو قَطّع، وكان بمعنى غَزَل، وشبه ذلك؟
فالجواب أن معنى الاكتفاء بالمرفوع أن يستقلّ به الكلام حتى يكون جملة من فعل وفاعل يصحّ السكوت عليها، ويستفيد بها المخاطب كضرب زيد، وأكرم عمرو، [و] عند النحويين أن الفعل إذا أخذ فاعله فقد تمّ الكلام لوجود المسند