الأبنية لاختلاف الأزمنة. وإذا سلمنا أن ذلك القدرَ مُعتبرٌ ففي مقدار مّا من التصرف، لا في مطلق التصرف وذلك المقدار هو جواز توسط الخبر/ بينها وبين الام، فلا تَوازِنُ المتصرفَ بإطلاق، ولا غير المتصرف بإطلاق. وبهذا يجاب عن الوجه الثاني.
وأمّا الثالث فإن تلك القاعدةَ منازعٌ فيها لأنها لا تطّرد كل الاطراد؛ ألا ترى أنك تقول أمّا زيدًا فاضرب، وفي القرآن: {فَأَمّا اليتيمَ فَلَا تَقْهَرْ. وَأَمّا السّائِلَ فَلَا تَنهرْ}، فقد تقدم هنا مفعولُ الفعلِ ولا يصحُّ وقوعُ الفعل واليًا لأمّا. وكذلك تقول: ما اليوم زيدٌ ذاهبًا -في اللغة الحجازية- ولا يجوز تقديمُ الخبر إلى موضع المعمول، وهو متفق عليه. وأجاز الكوفيون: هذا طعامك رجلٌ يأكلُ، وزيدًا ضربي فأكرمتُ، فقدّموا معمول يأكل -وهو نعت لرجل- على المنعوت، ومعمول أكرمت -وهو معطوف على ضربي، وهو معطوف عليه- والمعطوف لا يتقدّم على المعطوف عليه، ولا النعت على المنعوت. وقد حمل الزمخشري قول الله تعالى: {وَقُلْ لَهُمْ في أَنْفُسِهِمْ قَولًا بلِيغًا} [فجعل (في أنفسهم) معمول (بليغا)]، فلم يعتبِرْ تلك القاعدة. والمنازَعُ فيه لا يُبْنَى عليه.
وإذا سلّمنا صحةَ القاعدة فالمتقدِّم في الآية هو الظرف، وهم مما يتّسعُون في الظروف والمجرورات كثيرا ما لا يتسعون في غيرها، فلعل