وقد دلّ كلامُ الناظِمِ أيضا على جواز التقديم على لا، فتقول: قائمًا لا يزال زيد، وشاخصًا لا يكون أخوك، ونحو ذلك. وكذلك التقديم على إِنْ نحو: قائمًا إنْ يزال زيد وشاخصًا إن كان زيد.

وهذا فيه نظرٌ من جهة النقل والقاعدة؛ أما النقل فإن النحويين قالوا في إِنْ: حكمُها حكمُ ما، وهى من أدوات الصدور [لأنها بمنزلة ما، فكما لا يتقدم الخبر على ما كذلك لا يتقدم على إِنْ]. ونصّوا في لا على مذهبين:

أحدهما: التفرقة بين أَنْ تقع جوابا للقسم أو لا، فإن وقعت جوابا للقسم لم يجز التقديم، فلا تقول: والله قائما لا يزال زيدٌ. وإن لم تقع جوابًا له جاز فتقول: قائمًا لا يزال زيد. وهو قولُ ابن أبي الربيع.

والثاني: أن الفارسىّ نصّ في التذكرة على امتناع: زيدًا لا أضرب. ذكره في الجزء التاسع عشر. وهو لازم في هذه الأفعال بلا بُدٍّ، فيمتنع فيها عنده.

فالناظم لم يذهب إلى واحد من المذهبين. وأما القاعدة فإنها تقتضى المنع مع «لا» و «أنْ» كما تقتضيه مع «ما»؛ لأن كل واحد منهما داخل على مُوجبَه؛ إذ هما جواب لقولك: يقوم زيد، وقام زيد، ولا يقوم زيد، وإن قام زيد. وإذا كان كذلك فقد غيّرا معنى الفعل الذى دخلا عليه، فوجب أن يُغَيِّرا حكمه.

وجواب هذا أن السيرافي وابن الأنباري قد نصّا على جواز التقديم على لا مطلقا، فلعله اتبعهما في ذلك. ووجه ذلك أَنّ لا حرف متصرف يعمل ما قبله فيما بعده، كقولك: جئت بلا شئٍ، وأعجبني أن لا تقوم، ونحو ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015