بقوله: «وكلٌّ سَبْقَهُ دَامَ حَظَرْ».

كُلٌّ: مبتدأ، وهو مقطوع عن الإضافة للعلم بالمضافِ إليه، وهم النحويُّون. وسبْقَهُ: مفعول حَظَر -بالظاء المعجمة- وهو الخبر. وضمير «سَبْقَة» عائد على الخبر وهو فاعل «سبقه»، ودام مفعوله. والتقدير: وكلُّ النحويِّين حَظَر أَن يَسْبِقَ الخَبرُ دامَ.

وحَظَر، معناه: مَنع. ومنه قول الله تعالى: {وَمَا كانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورَا}.

ويعنى أن جميع النحويين منعوا من تقديم خبر دام عليه، فلا يجوز أن تقول: لا أُكلِّمك قائمًا ما دام زيدٌ. وهذا الإجماعُ ذكره ابنُ الإنباري؛ وسببُ ذلك أنها لازمةٌ لما كما تقدم، «وما» هى المصدريّةَ، وهي موصولةٌ صلتها ما يليها من فعلٍ وما تعلّق به، فالخبر هنا من صلتها. والقاعدة المطردة أَنّ بعض الصلة لا يتقدم على لموصول، فلم يصحّ تقدّمُ الخبر هنا على ما.

فإن قيل: فهل يتقدّم على «دام» دون «ما»، ولا يُلْغَى في ذلك المحذور؟

فالجواب: أن ذلك يمتنع أيضًا لأَنّ ما مع الفعل كالشى الواحد، باتصال الفعل بما صار من هذا الباب، وعَدِمَ التصرّف الذى كان له في الأصل. فالصواب عدم الجواز، وهو رأى شيخنا، رحمةُ الله عليه. والمسألة عند النحويين مفروضة في تقدّم الخبر على ما، لا على الفعل دون ما.

فإن قلت: فعبارة الناظم إذًا مشكلةٌ لأنه قال: «وكلٌّ سَبْقَهُ دَامَ حَظَرْ». ولم يقل: سبقه دَامَ وما، فهو يقتضى أن الإجماع المنقول إما هو في سَبْقِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015