وقد استدلّ ابن خروفٍ على أنهما / ليسا خبرًا بعد خبر، بل مجموعها هو الخبر، بأّنّ المبتدأ هو العامل فيهما معًا، ولا يرفع رافع مرفوعين غير التوابع، فزيدٌ قائم كاتب، بمنزلة حلو حامض، لأنه لم يخلص لواحد منهما، فالمعنى في مجموعهما. وإذا كان الأمر كذلك فمخالفة ابن الطراوة وابن عصفور في: زيد كاتب قائم، بحسب القصد بمنزلة: حلو حامض، لا يستغنى بأحدهما في الإخبار دون الآخر إلا من حيث الصلاحية للاستغلال خاصة.
وقد يحتمل أن يكون قصدُ الناظم بذلك المثال التّحرزَ من نحو: هذا حلوٌ حامض، فلا يدخل له إلا ما كان مثل: هم سَرَاةٌ شعراءُ، مما يصحُّ فيه أحد الخبرين للاستقلال، وهو الذى يجوز معه عطفُ أحدهما على الآخر، وعليه نَبّه في التسهيل بقوله: «وقد يكون للمبتدأ خبران فصاعدا، بعطفٍ وغير عطف». فلو قلت هنا: هم سراة وشعراء، لكان بخلاف القسم الأول والثاني؛ فإن الأول لا بدّ فيه من العطف، والثاني لا يجوز فيه العطف. ووجه إخراجه للأوّل ظاهرٌ، وللثاني أَنّ كُلّ واحدٍ منهما -أعنى من الخبرين- كبعض كلمة، فلا يسوغ أن يقال فيهما: خبران، إلا مجازًا، وفي الحقيقة هما خبرٌ واحدٌ، كما كان الحالان في قولهم: بَيّنْتُ له حسابه بابًا بابًا، وتصدّقت بمالي درهمًا درهما، في معنى الحال الواحدة. والناسُ على خلافِ رأيه في هذا القسم. ولكن الخطب في ذلك يسير، لأنه خلاف في اصطلاح، وهم في الحقيقة متفقون، فلا معنى للاحتجاج للناظم ولا لغيره.
ثم نرجع إلى تفسير كلامه، فقوله: «وَأَخْبَرُوا باثنين أو بأكثرا». إلى آخره، يعنى أن العربَ أخبرت عن المبتدأ الواحد بخبرين وبأكثر من خبرين،