ومثله (قولك): أكثرُ شربي السويق ملتويا، وأخطب ما يكون الأمير قائمًا، وأرخَصُ ما يكون البردُ قفيزين بدرهم، وأبغضُ ضربِ زيد إلىّ قائمًا. وما أشبه ذلك.

هذا معنى كَلَامه على الجملة، ثم نَقُولُ: إِنّ قوله «لا تكون خبرًا» إنما يعنى الخبر الاصطلاحي يريدُ بذلك التّحَرر من الحال التى يَصِحُّ جعلُها خبرًا عن المبتدأ، فإن ذلك متى صح لم يلزم حذف الخبر وسد الحال مسده، بل إن كان فعلى الجواز كما ذُكَرِ عن الأخفش أنه حكى: زيد قائمًا، وخرجت فإذا زيدٌ جالسًا. وعن علىّ -رضي الله عنه-: «ونَحنُ عُصْبَة»، تقديره: زيد موجودٌ قائمًا، أو ثابت، أو نحو ذلك. وكذلك سائر المُثُل. فالحال في مثل هذا لا تُسد مسد الخبر فَيُحذفَ لزومًا، لإمكانه جَعْله خبرًا بنفسه، من غير احتياج إلى تقدير شئ، فإن جاء شئ من ذلك فهو أقرب إلى وقفه على السماع لقلّته، وإن احتمل ان يقاس عليه فالحذف غير لازم. وإنما يكون لازمًا في نحو ما ذكر.

ومثل ذلك مما لا يحذَفُ معه الخبرُ قولك: ضَرْبِى زيدًا شديدًا، هذا لا يلزمُ معه حذف الخبر، بل ذلك مفتقر في جوازه إلى السماع، وإنما الوجه الرفع على خبر المبتدأ، لإمكانه فلا يعدل عنه.

ثم نقول: إن تمثيلَه المبتدأ بمصدر، أو بما أضيف إلى المصدر مُعَيِّنٌ لموضع الحذف، فإن نحو: «ضربي العبد مسيئًا» و «أَتَمّ تَبْييِنى الحق مَنُوطًا» هو الموجودُ في السماع (في المسألة)، والذى يصحُّ القياسُ فيه، بخلاف:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015