رجلٍ وضيعته.

والناظم لم يرد إلا أن الواو بمعنى مع، ووجودها هو الذى يسوغ التزام حذف الخبر، لأنها كالنائبة مع بعدها عن مع ومجرورها، ولو كانت الواو للعطف لم يصلح فيما بعدها أن ينوب مناب الخبر. وأيضا لا يحذف الخبر في لاعطف الصريح لأنه لا دليل عليه، ولهذا شرط الناظم في الواو أن تكون مُعَيِّنة لمعنى مع، فإنها إن لم تعيِّنه لم يلزم الحذف، بل يصير إما جائزًا وإما ممتنعًا، فإذا قلت: زيد عمرو، وأنت تريد: مع عَمْرو، كان لك أن تأتيَ بالخبر فتقول: زيدٌ وعمرو مقترنان أو متلازمان، ولك أن تستغنى اتّكالا على أن السامع يفهم معنى الاقتران، لأّنّ معنى المصاحبة وإن دَلّت الواوُ عليه غير متعيّن، لإمكان معنى العطف ولو قلت: زيد وعمرو يلتقيان أو يصطرعان أو يتفرقان، وما أشبه ذلك -لم يجز هنا حذف الخبر، لانتفاء احتمال معنى «مع» في الواو، وتَعَيُّنِ كونها عاطفةٍ لمجرّد الجمع، فلا بد من الإتيان به. ومنه قول الشاعر:

وَكُلُّ امرِئٍ والْمُوْتُ يَلْتَقِيانِ

فهذا كله من أول الدليل على أن الواو هى التى بمعنى مع، لا العاطفة، إذ لا دلالة للعاطفة على الخبر.

قال ابن خروف: لو قلت: ما كلُّ رجلٍ إلا وضيعهُ، لجاز، لكون الواو بمعنى مع وفي موضعها. قال: ولا يجوز ذلك في العطف، فقد ظهر وجه ما ذهب إليه الناظم في المسألتين، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015