تعالى: "ويقولون متى هذا الوعد" -ومعنى "إن" في الشرط نحو قول الكندي:
متى ما ترق العين فيه تسهل
ويدخل تحت مقتضى هذا المثال جميع ما أدى معنى حرف الاستفهام "كمن" و "كم" وجميع ما أدى معنى الحرف الشرط نحو: "من" و "مهما" و "أيان" وما أشبهه وأما "هنا" فإنها قد تضمنت معنى الحرف، لكن العرب لم تضع لذلك المعنى لفظا وهو حقيق بذلك، كما وضع للتنبيه والاستفتاح وغيرهما من المعاني الزائدة على مدلولات الأسماء والأفعال، والمعنى الذي تضمنته "هنا" هو معنى الإشارة لكنهم استغنوا عن وضع حرفها بالاسم الذي تضمن معناها، فلم يضعوا لها حرفا يدل عليها، وإن كانت من المعاني التي تستحق أن يوضع لها حرف، ويدخل ضمن هذا المثال "كم" الخبرية، لتضمنها معنى الحرف وهو التكثير، ولم يضعوا للتكثير حرفا، وإن زعم ذلك ابن مالك في "رب" بل الأصح أنها للتقليل ويدخلها معنى الافتخار، وليس في تشبيه سيبويه لها بكم دليل على ما قال، ولم يتعرض في هذا النظم لتفسير معناها، فلذلك لم نتعرض لتحيق معناها، ولا لبيان حكمها، وهذه قاعدة في تضمن معنى الحرف صحيحة نبه عليها هنا وذكرها في "شرح التسهيل"، وأصلها -فيما أظن- للفارسي في