لم يبق له مما يتعيّن ذكره في الحذف الواجب إلا حذف الخبر، فهو الذى تَعرَّض له، وذكر له أربعة مواضع:
أحدها: بعد لولا، فقال:
وَبَعْدَ لَوْلا غَالبًا حَذْفُ الخَبَرْ
حَتْمٌ ... ... ... ... ...
حذف الخبر: مبتدأ، خبره: حَتْمٌ. وبعد لولا متعلق بحتم، لأنه في معنى محتوم، كخلق بمعنى مخلوق في قول الله: {هذا خَلْقُ الله}.
والحتم: الايجاب، يقال: حَتَمَ الله كذا وكذا، بمعنى: أوجبه حَتْما. والحَتْمُ أيضا: القضاء، وليس في هذا لامعنى (يريد أن خبر المبتدأ يجب حذفه لعد لولا، فلا يتكلم به غالبًا) لأنه مفهوم بنفسه، فإذا قلت: لولا زيد لأكرمتك، فمعناه: لولا زيدٌ ثابت أو موجود، أو هنا، أو نحو ذلك، فلما كان مفهومًا اسم الفاعل أوا الفعلُ المتعلق به الظروف المجرورُ الحذف في نمو زيدًا في الدار، وجاءني / الذي عندك، لما كان مفهومًا بنفسه الزموه الحذفَ، كما ألزم من الكلام. وأيضا فلكثرة الاستعمال؛ قال سيبويه: «وكأنّ المَبْنِىّ عليه -يَعْنى عَلَى المبتدأ بعد لولا- الذى في الإضمار -يعنى الخبر- كان في مكان كذا وكذا، فكأنه قال: لولا عبدُ الله كا بذلك المكان، ولولا القتالُ وكان في زمان كذا؟ ولكن هذا حذف حين كَثُر استعمالهم إياه في الكلام، كما حُذِف في إِمّا لا». ثم أتى بنظائر، وهذا هو الأصلُ في لزوم حذف كلّ خبر ذكره الناظم وفرضُه حذفَ الخبر هنا ظاهرٌ في أنّ ما بعد لولا مبتدأ، وهو مذهب البصريين خلافًا لمن زعم (خلاف)