وَبَعْدَ لَوْلَا غَالبًا حَذْفُ الخَبَرْ
حَتْمٌ، وَفِي نصِّ يَمِينٍ ذا اسْتَقَرْ
وَبَعْدَ واوٍ عَيّنَتْ مَفْهُومَ مَعْ
كَمِثْلِ كُلُّ صَانِعٍ وَمَا صنَعْ
وَقَبْلَ حَالٍ لَا يَكُون خَبَرَا
عَنِ الذِى خَبَرُهُ قَدْ أُضْمِرا
كَضَرْبِيَ الْعَبْدَ مُسِيئًا وَأتَمْ
تَبْيِينَىِ الحقّ مَنُوطًا بِالْحِكَمْ
اعلم أنّ الحذفَ قد يجب في أحد الجزأين، فلا ينطق به البتة، أو ينطق به لكن قليلا. وليس ذلك بمقتصر به على أحدهما دون الآخر، بل قد يحذف المبتدأ وجوبا، وقد يحذف الخبر كذلك. والناظم اقتصر هنا على حذف الخبر ولم يتعرّض لحذف المبتدأ، فقد يقال: إن كلامه يُوهِم أالحَذْفَ الواجب يختصّ بالخبر، ويشعرُ بذلك ذكره جواز الحذف في الجزأين، فلما ذكر وجوب ترك التنبيه على ذلك [في المبتدأ]، فأوهم هذا أن المبتدأَ لا يُحذَف وجوبا، بل جوازا. وليس كذلك بل يحذف وجوبا في مواضع جملة، منها: في النعت المقطوع إلى الربع إذا كان للمدح أو الذم أو الترحم، نحو قولهم: الحمد لله الحميدُ، والحمد لله أهلُ الحمدِ. وكذا في الذم نحو: أعوذ بالله من الشيطان الرجيمُ، وفي الترحُّم نحو: مررت به المسكينُ.
قال المؤالف: لأنهم قصدُوا إنشاء المدح، يعنى في قطع النعت، فجعلوا إضمار الناصب أمارةً على ذلك، يعنى حين قطعوا إلى النصب، كما فعلوا في