وحجة الناظم ومن قال بقوله ما تقدُم من أنه المسوغ للابتداء بالنكرة، فلو بقى مؤخرًا لأوهم كونة صفة للنكرة [فلا تحصل الفائدة. وأما الشلوبين فليس التقديم هو المسوغ للابتداء بالنكرة] عنده، بل لنك إذا قلت: في الدار رجل [فالمَعْنِىُّ به فى هذا الخبر إنما هو أن حصل في الدار المعهودة رجل] وهذا مفيدُ، فموضع العناية هنا الدار، فحسن تقديمها لمكان العناية الموجبة للتقديم فى كلامهم. فالموجب للجواز إذا حصولُ الفائدة بتعريف الدار، بدليل أنك لو قُلْتَ: فى دارٍ رجلُ، لم يَجُز باتفاق. فتقديم ما حصلت به الفائدة لا ينكر. فإذًا اشتراط التقديم هنا إِنما لأجل كونه عَلَمًا على المعنى المقصود الموجب للفائدة.
ويدلّ على أن التقديم ليس لتحصيل الابتداء بالنكرة تقديمُه حيث يكون ثَمّ مسوغُ آخَرُ، بحيث لو لم يقدم لجاز الابتداء بالنكرة باتفاق، نحو: ما فى الدار رجل، فالأحسن هنا تقديم الخبر عناية به، لأنه الذى أوقع الفائدة بتعريفه، ولذلك كثر فى كلامهم نحو: ما له سَبَد ولا لَبَد، وما له ثاغية/ ولا راغية، وما فى السماء موضع راحة سحابًا، وما فى الدار أَرِمُ. وفى القرآن العزيز: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهم من شيءٍ، ومَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيء}. وفيه: {مَا لَهُمْ مِنْ مَحيص}، {مَا لَكُمُ مّن ملجأٍ يَوْمئِذٍ وما لَكُمْ مّن نّكِيرٍ}