قيل: الموصوف لم يتخصّص ولا دلّ عليه دليل، فلا أثر له في تحسين الابتداءِ بالنكرة، كما أنه لا أثر للصفة في قولك: رجل من قوم عاقِلٌ. وأيضًا فإنّ التقديم عند الشلوبين لموضع الاهتمام والعناية، كأن المعنى: الدار فيها رجل، لا لمعنى آخر، يدلّ على ذلك التزامُ تقديمه حيث كان يسوغُ الابتداء بالنكرة باتفاق، وذلك قولك: ما في الدار رجلٌ. فالأحسنُ في هذا تقديم الخبر لأنه الذى أوقع الفائدة الحاصلة بكونه معرفة. ولذلك حكى من كلامهم: ما له سَبَدُولا لَبَدٌ، وما في الدار أخذ. وفي التنزيل: {مَا لَهُمْ مِن مّحِيصٍ}، {مَا عَلَيكَ مِنْ حِسَابِهِمُ مِنْ شيءٍ}. وهو كثير جدًا ففى الدار رجلٌ، من هذا بلا شك. وهو أحسنُ ما وُجِّه به هذا الموضع. وعلى هذا قد يُفيدُ: هل فتى فيكم؟ بغير استفهام، وما خل لنا، بغير نفي، ورجل من الكرام عندنا، بغير صفة. فقد ثبت بهذا كلّه أن المقصودَ حصولُ الفائدة. وبالجملة ما يفيد وما لا يفيد إنما يرجع الحكم فيهما إلى الأغراض والمقاصد الخاصّة. بشخصٍ شخصٍ وحالٍ حالٍ وقد يكون ما هو مفيدٌ لشخص مّا غير لآخر، وحَصْرُ ما يختلف بحسب الأشخاصِ والأحوال والمقاصد صعبٌ عسير. فالحقُّ ما فعل الناظم، وعلى هذا القانون يجرى الكلام في قوله في حدّ الكلم: «لفظ مفيد». فقد يكون الكلام