في زمان كذا، الإخبار بأنّا مستقرون فيه. وهذا مما يصعُب الجواب عنه. ويؤيِّد هذا أن تعليلهم امتناع الإخبار هنا بأنّ كلّ جُثّةٍ تستلزم الأزمة لأنها موجودة فيها، فكأن الإخبار بذلك إخبارُ بمعلوم، يقتضى أنها إذا أخبر عنها بالزمان على حالةٍ من الأحوال التي تختلف بحسبها الأزمان أو الجثث ممّا لا يكون معلومًا للمخاطب، لزوم الجوازُ كالأحداث وطروف الزمان. وقد علّل ابنُ الباذِش المنعَ بأن متعلق ظرف الزمان لا دلالة عليه مع الجثث، فإذا قلت: زيدٌ اليوم، صلح لأشياء كثيرة، لجواز أن يكون المعنى: منطلق اليوم، أو مقيم، أو غير ذلك. ولم يَقْصِرْه الاستعمال على معنىً بعينه، كما قصر ظروف المكان، وكما قصر ظروف الزمان مع الأحداث على معنى كائن أو استقرّ. ولو قُصِد غير ذلك لم يجز الحذفُ. فعلى هذا إذا فُرِضَ قصد الاستعمال لبعض ظرف الزمان مع الجثة على معنى كائن أو استقر، كتلك المواضع، جاز الإخبار بها. وهذا لا مدفع فيه، بل هو أمر معقول موافق للمنقول. وعلى الجملة فهذا الاختلافُ راجعٌ إلى اختلافٍ في عبارةٍ لا اختلافٍ في معنىً. والله أعلم.

والجثة: شخصُ الإنسانِ قاعدًا أو نائمًا، كذا قال الجوهرى. فخصّه بالإنسان كما ترى. واستعمالُ النحويين له على ما هو أعمّ من ذلك، فالجثةُ عندهم شخصُ كُلِّ متشخّص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015