، لعدم الفائدة. وكذلك لو قُلْتَ: السماءُ فوقنا، والأرض تحتنا، والنار محرقة، والماء يُرْوى -وطُوِّل له في القصة- فإن كان مثل هذا لا يلزم الاحتراز منه، فكذلك لا يلزم الاحترازُ منه في ظرف الزمان إذا أُخبِرَ به عن الجثة، من جهة أنه معلوم كما هو معلوم في غير ذلك. وإن كان يلزم الاحترازُ منه لزم مثلهُ في جميع الأقسام. لكن هذا غير لازم هناك فكذلك هنا.
والثاني: أنّ إخراج ظرف الزمان من ثلاثة الأقسام المذكورة آنفا يوهم في باقيها ما لا يصح، وذلك أنه إذا أخبر أن الظرف والمجرور يقعان خبرًا، ثم استثنى من مواقع ظرف الزمان ما لا يفيد، أوهم أن غيره لا يستثنى منه ذلك بل يقع خبرًا أفاد أو لم يفد. وهذا غير صحيح.
فالحاصلُ أن هذين الشرطين كان غنيًا عن الإتيان بهما، ثم ينظر إلى ما يفيدُ وما لا يُفيد من الأخبار بالظرف والمجرور بناءً على ما تقدم في التعريف بالكلام: والجواب عن الأول أنّ كلامه وكلام غيره في مسائل مخصوصة بحسب الإفادة وعدمها ليس من جهة التعريف بالكلام، بل من جهة أخرى وذلك أن من الأبواب ما يطرد أو يغلب فيها عدم الإفادة إلا بشرط، فعادة النحويين أن يُبَيِّنُوا ذلك ليكون فيه حصرٌ لما يُفيد وما لا، وضبط لما يتكلم به. وهذا [من شأنهم]؛ إذ لا يكفي في مثل ذلك مجرّد تعريف الكلام بأنه لفظ مفيد؛ ألا ترى أن غالب الإخبار بظرف الزمان عن الجثة غير مفيد، بخلاف الإخبار به عن الحدث، أو بظرف المكان أو المجرور فتجد ظرف الزمان قد حصل فيه الوصف (الذى) هو مَظنّةُ الإفادة، ومع ذلك فلم يُفِدْ ككونه معرفةً