ليس بمنْوِيّ فيه معنَى الكون والاستقرار، وإنما تقدير الكلام: أنا واثقٌ بالله، والأمر راجع إليك؛ فإذًا أحرفُ الجر أو الظرف على أربعة أقسام:
أحدهما: ما يفهم منه الاستقرار بنفسه، فهذا يقع خبرًا للمبتدأ على مقتضى شرطه.
والثاني: أنّ ما لا يُفْهَم منه استقرارٌ ولا غيره البتّةَ لفقد القرينة، أو لأنه لا يُؤدِّي مَعْناه، فهذا لا يقعُ خبرًا لفقد الشرط.
والثالث: ما لا يُفهَمُ منه الاستقرار، وإنما يُفْهم منه غَيرُه لقرينةٍ دالّةٍ، فلا يقع خبرًا أيضًا، لأن الذي يفهم منه غير الاستقرار، فهو إن كان محذوفًا -أعنى ذلك المفهوم- فهو الخبر، لا المجرور ولا الظرف، إلا أن هذا قسمان: قسمٌ يكون جائز الحذف كقولك: أما زيد فبعمرو مأخوذ، وأما بكر فبك. ولا شكّ في أن هذا محذوفُ الخبر، وحرف الجرّ فضلة غير تام.
وقسم لازم الحذف وإن لم يكن المحذوف هو الاستقرار نحو: زيدٌ على البصرة، وأنا بالله، والحمد لله، والأمر إليك. وهذا هو الرابع، وهو محتمل، فقد يكون من قبيل ما لا يقع خبرا؛ إذ لا يعطى معنى الكون والاستقرار بحسب مفهومه الظاهر؛ إذ المعنى: زيد والٍ على البصرة، وأنا واثق بالله، والحمدُ مصروفٌ لله، والأمر راجعٌ إليك. فهذا المفهومُ أخصّ من الكون والاستقرار، وحرف الجرّ المعطى لمعنى الاستقرار هو [في] الغالب لا غيره.
وهذا جارٍ على ما قاله ابنُ الطراوة وابن عصفور في كلام سيبويه. ويدل عليه أنه قد / يظهر في بعض المواضع بخلاف الكون والاستقرار،