بيان ذلك في باب الضمائر، ومما يفترقان فيه إبراز الضمير إذا جرى عامله على صاحبه وعدم إبرازه، فيجب إبرازه إذا عملت فيه الصفة وذلك نحو: زيد هند ضاربها هو، ولا يبرد إذا عمل فيه الفعل نحو: زيد هند يضربها، وإنما افترقنا في هذا الحكم لأمر هما فيه مفترقان، وهو أن في الفعل دلالة على فاعله، إذ هو مما يظهر معه ودلالة على محله من المتكلم والخطاب والغيبة.

فإذا قلت: زيد اضربه أو ضربته، ففيه دلالة على أن الفاعل هو المتكلم لا زيد، وكذلك إذا قلت: زيد تضربه أو ضربته، ففيه دلالة على أنه المخاطب بخلاف ما إذا قلت: زيد ضاربه، فإنه لا دلالة فيه على أن الفاعل غير زيد حتى تقول: أنا أو أنت، إذ لا يبرز ضميره فيدل عليه ولا تلحقه علامة دالة زائدة على كونه مفردا أو مثنى أو مجموعا لاختصاص الفعل بذلك، فعوض الاسم من ذلك إبراز الضمير ليرتفع اللبس ويزول الإشكال، وصار هذا التعويض (مختصا بالاسم) كما كان المعوض منه مختصا بالفعل، وهذا شرح ما قالوه في المسألة على أوفى ما يكون، وهو توجيه لما نص عليه الناظم من حكم الإبراز، وإذا ثبت ذلك فقولهم أضارب أنت؟ أو أنتما من هذا النمط، لأن الفاعل المستتر ضمير لا يعرف له رتبة في تكلم ولا خطاب ولا غيبة، ولم يتقدم عامله ما يعود عليه ذلك الضمير، فصار استتاره موقعا في اللبس والإشكال، فلم يكن بد من إبرازه ليتعين، وهذا- والله أعلم- هو السبب في كون الكلام مع إبرازه مفيدا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015