استدرك القسم الثالث بعد، ثم جعل الجملة على قسمين:

أحدهما: ما كانت هي المبتدأ من جهة المعنى.

والثاني: ما لم يكن كذلك، وهذا الثاني هو المراد بقوله: (ويأتي جمله حاوية معنى الذي سيقت له) فكأنه قال: ويأتي جملة ليست هي المبتدأ معنى، ودل على أن هذا مراده قوله في القسم الثاني: "وإن تكن إياه معنى اكتفى" فأما ما لم تكن هي نفس المبتدأ في المعنى فشرط فيها شرطا أتى به على مساق اللفظ فقال: (ويأتي جمله حاوية معنى الذي سيقت) فيريد أن هذه الجملة التي ليست للمبتدأ يشترط فيها أن تحتوي على معنى المبتدأ وهو الذي سيقت الجملة لأجله، فالضمير في "سيقت" عائد على الجملة، وفي "له" عائد على "الذي" ومدلول الذي هو المبتدأ، فإنها إن لم تكن تحتوي على معناه لم يصح وقوعها خبرا له؛ لعدم الربط بين المبتدأ والخبر.

فإذا قلت: زيد عمر وأخوك، أو زيد عمر وقائم، لم يجز لعدم الرابط بخلاف ما إذا احتوت الجملة على المبتدأ من جهة المعنى، فإن الفائدة حاصلة لأجل الربط، والكلام صحيح نحو: زيد أبوه قائم أو زيد قام أبوه، وإذا ثبت هذا بقى النظر في مسائل أربع:

إحداها: أنه أطلق الجملة ولم يقيدها باسمية دون فعلية، فدل ذلك على أنهما كلتيهما تقعان خبرا للمبتدأ وذلك صحيح، فمثال الاسمية قولك: زيد أبوه قائم، وزيد عمر وقاعد في داره، وبكر خالد قائم في حانوته وما أشبه ذلك.

ومثال الفعلية قولك: زيد قام أبوه وعمر ولا يقوم، وبكر أكرمت عمرًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015