منها عن أن يكون مختصا بالاسم أو بالفعل أو مشتركا بينهما بثلاثة الأمثلة على ثلاثة الأقسام الحاصرة لأنواع الجنس، وهو تنبيه حسن وجميعها لا يصلح فيه شيء من الخواص المتقدمة للأسماء والأفعال.
ولما كمل له التعريف بأنواع الكلمة وهي الاسم والفعل والحرف، أخذ يبين أنواع الفعل بخصوصه ويميز بعضها من بعض، وهي الماضي والأمر والمضارع، فقال: "فعل مضارع بلى لم" وفعل مبتدأ خبره "بلى لم" وابتدأ بالنكرة لأنه وصفها بقوله: مضارع، و "لم" منصوب الموضع على المفعولية بـ "يلي" أي: يلي هذه الكلمة.
ويريد أن الفعل المضارع خاصته التي تميزه عن غيره صلاحيته لأن يقع بعد "لم" تابعا لها من غير فاصل بينهما، هذا معنى (يلي لم) أي يصلح لذلك لا أنه يريد وجود ذلك في الكلام نحو ما مثل به من قوله: (لم يشم) وهو من شم زيد رائحة كذا يشمها، الماضي على فعِل -بالكسر- أصله شَمِمَ والمضارع على يفعل بالفتح، والمصدر: شمُّ.
و(يلي) من ولى الشيء يليه ولاية، إذا تبعه على أثره ليس بينهما حاجز، والفعل المضارع هو ما في أوله إحدى الزوائد الأربع المجموعة في قولك: (أَنَيْتُ)، ويصلح هو لدخول البواقي عليه على جهة التعاقب نحو: اضرب ونضرب ويضرب وتضرب وما أشبه ذلك، وإنما سمي مضارعا لمضارعته الاسم أي: لمشابهته إياه من جهة اللفظ ومن جهة المعنى، كما سيذكر في الباب هذا إن شاء الله تعالى.