أشاهرن بعدنا السيوفا
فليس بقادح في كون النون خاصة بالفعل، فلا يعترض على الناظم به، لأنه إنما بنى على المشهور من حالها، مع أنها لم تدخل غلا على ما هو من الأسماء جار على الفعل من جهة لفظه ومعناه، وهو اسم الفاعل، فكأنهم إنما أدخلوها على المضارع، ولأجل هذا استغنوا عن الخبر في نحو: أقائم الزيدان لكان المبتدأ بمعنى الفعل، فصار الكلام كأنه مركب من فعل وفاعل، فلم يأتوا بخبر المبتدأ اعتبارا بالمعنى، على ما سيأتي ذكره إن شاء الله، فإذا خصوصية النون بالفعل ظاهرة كما ذكر.
وقوله: (فعل ينجلي) مبتدأ وخبر، وابتدأ بالنكرة لأنها غير مرادة بعينها كقولهم: رجل خير من امرأة، أو لأن الجملة خارجة مخرج الجواب لمن قال أفعل ينجلي بشيء؟ فقال في الجواب: فعل ينجلي بكذا وكذا، أو لأن النكرة هنا قد تقدم عليها شيء من معلومات خبرها، لأن قوله: بتاء فعلت إلى آخره متعلق "ينجلي"، فصار كقولهم: فيها أسد رابض، فأسد مبتدأ ورابض هو الخبر، وفيها متعلق برابض لقولهم: عن فيها أسدا رابض.
و"ينجلي" معناه يظهر ويتبين من غيره، وتقدير الكلام: فعل ينجلي بتاء فعلت وأتت، وياء افعلي، ونون أقبلن.
وقصر تا فعلت ويا افعلي ضرورة، وكان الأصل أن يقول: بتاء فعلت وأتت ويا افعلي، وقد جاء مثله في الكلام شاذا، حكى الكسائي: شربت ما يا فتى، إلا أن الذي في كلام الناظم أمثل لاعتماد الاسم على الإضافة فصار مثل قولك: فو زيد، وذو مال، ونحوهما، بخلاف شربت ما يافتى، والحاصل