أبحت حمى تهامة بعد نجد ... وما شيء حميت بمستباح
وأنشد أيضا قول الحارث بن كلدة:
وما أدرى أغيرهم تناء ... وطول العهد أم مال أصابوا
فـ "حميت" و "أصابوا" في موضع الصفة كأنه قال: محمى ومصاب، وإذا كان معنى "عرفت" في البيت على الصفة، فلا سبيل إلى النصب في "نمط" بـ "عرفت" لأن الصفة من تمام الاسم فهي كبعضه، وبعض الشيء لا يعمل في بعضه، هذا معنى تعليل سيبويه، فإن قيل: هذا مشكل من جهة اللفظ والمعنى، أما من جهة اللفظ فإن نمطا لما كان المراد به نفس اللفظ كان معرفة لا نكرة، وذلك شأن ما يراد به مجرد اللفظ، فإنك تقول: رجل المنكر، لا يبتدأ به ولا يصح أن تقول: رجل منكر على أن تجعله صفة لأنه قد صار علما به، كما صار أفعل وفعلان وسائر الأمثلة الموزونة بها أعلاما على المثل التي توزن بها فلم جعلت "عرفت" نعتا لـ "نمط" والمراد مجرد اللفظ لا غير ذلك؟
وأما من جهة المعنى فلأنه في معنى (فنمط) إذا عرفته قل (فيه النمط) و (نمط المعرف) لا تدخل عليه "أل" لأن تعريفه إن كان بالإضافة فلا تدخل عليه "أل" وكذلك إن كان علما لا تدخله "أل" وإن كان معرفا بها فلا تدخل عليه أيضا مرة أخرى، وإنما كان وجه العبارة أن يقول: فنمط أردت تعريفه