والتفسير الثاني: أن يكون تمثيله بـ "مر بالذي مررت "تقييدا" لما تقدم كأنه يقول: كذاك الضمير الذي جر بما جر الموصول إذا كان مثل هذا المثال الذي وجد فيه اتحاد متعلقى الجارين وغير ذلك من القيود، وذلك أن الحذف الجائز جوازا حسنا مشروط بأربعة شروط:
أحدها: أن يكون مجرورا بحرف لا باسم، فإنه إن جر باسم فقد تقدم حكمه.
والثاني: أن يكون الموصول مجرورا بذلك الحرف نفسه وقد تبين هذا.
والثالث: أن يتحد متعلقا الحرفين، وهذا يشمل النوع الأول والثاني في التفسير الأول، ويخرج عنه الثالث، لأن الحذف فيه قليل، وأكثر ما يجيء في الشعر، فيكون الناظم على هذا لم يعتبره في القياس، وعلى هذا أكثر المتأخرين، ومن أجازه كالفارسي وغيره فإنما أجازه على ما فيه من القلة، وإلى اشتراط هذا الشرط ذهب في كتاب "التسهيل" وهو جدير بأن يشترطه وخصوصا في هذا النظم.
والرابع: ألا يكون المتعلق الثاني مبنيا للمفعول، بحيث يقام المجرور مقام الفاعل، وذلك ظاهر من تمثيله، وهو ضروري الاشتراط، وقد فاته ذكره في "التسهيل" وهو مستدرك عليه، فإنه إن كان المجرور مقاما مقام الفاعل لم يجز حذفه وذلك نحو: مررت بالذي مر به فلا تقول: هنا مررت بالذي مر؛ لأنه يبقى الفعل بلا فاعل ولا نائب عنه وذلك فاسد، ومن هنا يظهر أن هذا الوجه الثاني في تفسير كلام الناظم أولى؛ لأن الأول يدخل عليه فيه جواز حذف المجرور المقام مقام الفاعل وذلك غير صحيح، وكثير من الناس