ومعناه في اصطلاح النحويين: أن يلتقي حرفان من جنس واحد، فتسكن الأول منهما وتدغمه في الثاني، أي: تدخله فيه، فيصيرا احرفا واحدا مشددا. وذلك أن النطق بحرفين من جنس واحد مما يثقل على اللسان، لأنه يرتفع بأحد الحرفين، ثم يرتفع ارتفاعا ثانيا بعد استقرار الأول، فيصير في موضع واحد عملان من غير فصل بينهما، فيثقل ذلك على اللسان، ولذلك شبهه الخليل بمشي المقيد، لأنه كأنه يتحرك في موضع واحد. وهذا محسوس، بخلاف ما إذا عمل عملين في موضعين فليس فيه من الثقل ما في هذا. فأرادوا أن يرتفع اللسان بهما معا ارتفاعة واحدة، فلم يمكنهم ذلك إلا بأن يسكنوا الأول منهما، فأسكنوه، ثم أدغموه في الثاني، فصارا حرفا واحدا مشددا، فقالوا في فرر: فر، وفي ظلل: ظل، وفي سرر: سر، وفي أمدد: أمد، وما أشبه ذلك.
واعلم أن الإدغام على قسمين:
أحدهما: إدغام مثل في مثله، نحو ما تقدم من المثل.
والثاني: إدغام مقارب في مقاربه نحو: بعدت، وعدان في عتدان، ونحو ذلك.
وهذه القسمة بالنظر إلى الأصل، وإلا فلا إدغام إلا إدغام مثل في مثل. وهذا نظير قولهم: إن البدل ثلاثة أقسام: بدل شيء من شيء وهما لعين واحدة، وبدل بعض من كل، وبدل اشتمال. وبالحقيقة ليس إلا بدل شيء من