المتصف فهو حقيقة فيمن قام به الوصف، فمكرم يقال فيه: متصف بالإكرام، ولا يقال في مكرم: إنه متصف بالإكرام إلا مجازا، وهو لا يفهم إلا بقرينة، شأن (سائر) المجازات. فلما كان قصده أن يشمل الأمرين معا لم يكن بد من التنبيه على ذلك، فنبه عليه بالتثنية، فلما قال ذلك علم أنه يريد مع اسم الفاعل آمرا أخر، وذلك لا يكون إلا اسم المفعول، إذ يطلق على مكرم: إنه متصف بالإكرام، بمعنى أنه ذو إكرام، أي: محل الإكرام. ومن هذه الجهة ساغ أن تبنى له صيغة المفعول من المصدر، وقد دعاهم تخيل هذا المعنى وهذه الملابسة إلى أن بنوا له بنية الفاعل نحو: عيشة راضية، ونهاره صائم، وليله قائم، أي: مصوم فيه (ومقوم فيه). هذا معناه، لكنهم راعوا فيه مجرد النسبة والإضافة، إذ كان في التقدير ذا كذا. فإذا معنى قوله: "متصف"، أي: ذي وصف، ليشمل الأمرين معا. ولا يخلو مع هذا من مجاز في العبارة، لأن إطلاق المتصف وذي الوصف حقيقة إنما يكون في الفاعل، وهو في المفعول مجاز، فهو من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015