يتقدم له حذف فاء مطلق فتعاد الإشارة إليه، وإنما قال: "فا آمر أو مضارع من كوعد احذف"، فالحذف مضاف إلى فاء الفعلين لا إلى فاء مطلقة. نعم، لو عادت إلى فاء مطلقة لكان الكلام مستقيما، إلا أنه لم يفعل ذلك.

والثالث: أن هذا الإطلاق لم يقيد بقيد، فدل على دخول ما كان من هذه المصادر معتل اللام نحو: شية ودية، فاقتضى أنك تقول: وقى قية، ووهى هية، وونى نية، ووعى عية، ووحي حية، وما أشبه ذلك. وهذا مما ينظر فيه؛ إذ السماع في مثل هذا قليل يلحق بالمحفوظ.

والجواب عن الأول: أن هذه العبارة مفهومة المعنى وإن تجوز فيها، وإنما أراد أن ما كان على فعل فإنه تحذف فاؤه وتلزمه الهاء عوضا، فتقول في وعدة: عدة، فأتى بالمثال تنبيها على غاية العمل فيه، ولم يرد أن ما كان بهذه الغاية فحكمه كذا. فاتكل على فهم المراد من اللفظ. ومثل هذا الكلام مما يجري على ألسنة النحويين كثيرا وإن كان المعنى غير مطابق لحقيقة تنزيل اللفظ، وقد قال المازني في نحو من هذا في المسألة نفسها: "واعلم أن المصدر إذا كان على فعلة فالهاء لازمه". قال ابن جني: "لو قال مكان هذا: واعلم أن المصدر إذا كان على ثلاثة أحرف وفاؤه مكسورة وعينه ساكنه فالهاء لازمة له، لكان أحسن في العبارة". قال: "ولكنه تسامح في اللفظ، وهو من عادة أهل علم العربية، ولهم أشياء كثيرة تحمل على المسامحة، ولكنهم يفعلون هذا لأن أغراضهم مفهومة". قال: "ونظير هذا الذي قاله أبو عثمان في التجوز (قولهم): وكل اسم على فعلول فهو مضموم الأول. ونحن نعلم أنه لا يكون على فعلول إلا وأوله مضموم، لأنا قد لفظنا بالضمة في أول فعلول، والعبارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015