فالجواب: أن كل مضارع من ثلاثي هو فعل مفعول فإنما يكون على يفعل أبدا لا ينكسر، ولما كان منه ما لا يصح أن يجرى فيه هذا الإعلال لخلوه في الأصل عن موجبه، وذلك مضارع فعل وفعل كيوحل ويوجل، ويوضؤ ويوقح، تقول: هذا مكان يوحل فيه ويوقح فيه، وكان البناء واحدا في الجميع، كرهوا اختلافه بالصحة في بعض (و) الإعلال في بعض، فحملوه محملا واحدا، وطردوا فيه حكم الصحة حملا لما فيه موجب الإعلال علي ما فقد فيه، وآثروا مع ذلك التصحيح على الإعلال لأنه الأصل، قاله ابن عصفور، وهو متنزع من تعليل ابن جنى وراجع إلى معناه. وقد شذ من هذا يذر ويدع في يوذر ويودع، قال الفرزدق:

وعض زمان- يا ابن مروان- لم يدع ... من المال إلا مسحت أو مجلف

يروى بضم ياء يدع، وكان الأصل أن يقال: يودع، من ودع (بمعنى ترك) ووجهه الحمل على فعل الفاعل، كأنه اعتبر أنه أصله وأن بناء المفعول عارض، فأبقى، الإعلال بعد التغيير على حاله قبله.

وثم شرط خامس مأخوذ من تخصيصه هذا الحكم بالفعل؛ إذ مفهوم قوله: "فا أمر أو مضارع" أن فاء غيرهما غير محذوف وإن وقعت الواو فيه كوقوعها في يعد. وهذا صحيح، فإنك لو بنيت مثل يقطين من وعد لقلت: يوعيد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015