في نظمه بهذه القاعدة، فلم يحتج إلى تقريرها، وكان قوله: "ذو اللين" أخصر من أن يقول الواو والياء حكمهما كذا. وهذا ظاهر.
والجواب عن الرابع أن يقال: لعله لم يحفظ اتهل، فأتى بمثال على أصله من الهمزبين به النوع الذي شذ فيه الإبدال كأنه قال: وشذ الإبدال فيما كان فاؤه همزة نحو كذا. فإنما مثل في الحقيقة نوع ما شذ فيه الإبدال، فالمثال على هذا التقدير مطابق.
وقد تقرر له هنا أن التاء تبدل من حرفين في الحقيقة، من الواو والياء، وترك إبدالها من غير ذلك لشذوذه، فقد أبدلت من خمسة أحرف سوى ما أشار إليه من إبدالها من الهمزة، فهي في الحقيقة مبدلة من ستة أحرف:
أحدها: السين، فقالوا: ست، وأصله: سدس، بدليل أسداس، وسديس، والتسديس. ولكنهم قلبوا السين الثانية تاء لتقرب من الدال التي قبلها وهي مع ذلك حرف مهموس، كما أن السين مهموسة، فصار التقدير "سدت"، فلما اجتمعت الدال والتاء وتقاربا في المخرج أبدلوا الدال تاء لاجتماعهما في الهمس، ثم أدغمت التاء في التاء، فصار: "ست". ومن ذلك ما أنشده أحمد بن يحيى:
يا قاتل الله بني السعلاة ... عمرو بن يربوع شرار النات
غير أعفاء ولا أكيات ...