فإن سكنت وجب القلب ميما نحو: عمبر في عنبر، وشمباء، في شنباء، وممبك في من بك، وأمبت الله الزرع، في أنبت، وممبر، في منبر، وما أشبه ذلك.
قالوا: وإنما قلبت هنا حين سكنت قبل الباء لأن الباء أخت الميم، وقد أدغمت النون في الميم في نحو: من معك؟ ومن محمد، فلما كانت النون تدغم مع الميم التي هي اخت الباء أرادوا إعلالها أيضا مع الباء إذ قد أدغموا في آختها الميم، ولما كانت الميم التي هي أقرب إلى الياء من النون لم تدغم في الباء نحو: أقم بكرا، لا تقول أقبكرا، ولا في قم بالله، قبالله، كان النون التي هي من الباء أبعد منها من الميم أجدر بألا يجوز إدغامها في الباء، فلما لم يتواصلوا إلى إدغام النون في الباء أعلوها دون إعلال الإدغام، فقربوها من الباء، وقلبوها إلى لفظ أقرب الحروف من الباء وهو الميم، فقالوا: عمبر، قال السيرافي: "ابتداء صوت النون من الخيشوم، ولها حالان: حال ابتداء وحال انتهاء، وبالانتهاء ينفرد مخرجها، فإذا ابتدأت إخراجها وحركتها كانت من الفم لا غير، وكذلك إذا وقفت عليها ساكنة هي من الفم، وإذا وصلتها بما تخفى معه تفردت بالخيشوم، وصوت الخيشوم مشترك بين النون والميم في المبدأ، وإنما يتغير في المقطع، فاعتماد المتكلم على إخراج الباء يمنع من استمرار الصوت بغنة الخيشوم، واحتاج المتكلم إلى أحد أمرين في المقطع، إما أن يجعله من مخرج النون من الفم، وذلك ممكن وفيه مشقة، وإما أن يجعله من موضع