فإن قلت: فإن في الفعل مثل فعل نحو: نعم وبئس، فهلا أعللت فقلت: قيل.
قيل: هذا لا يلزم، لأن هذه الكسرة لما كانت من أجل الحرف الحلقي لم تلزم فلم يعتد بها وصارت الفاء كأنها على فتحتها، كما لم يعتدوا بالفتحة في نحو يطأ ويسع، بل كانت بمنزلة الكسرة، فحذفوا الواو، كما حذفوها من يزن ونحوه ولم يثبتوها كما أثبتوها في يوجل.
فأما وجه القلب في اللام مع الفتح فإن اللام لما اعتلت حين انكسر ما قبلها أو انضم أرادوا أيكون ذلك أيضا إذا انفتح ما قبلها لتجري اللام على حكم واحد في الاعتلال. وإلى هذا النحو من التعليل أشار سيبويه. وأما العين فإنما اعتلت لأن الحركات أبدا في هذه الحروف مستثقلة لاسيما الضمة والكسرة، فثقل عليهم في هذا فعل وفعل إذا قلت مثلا: طول وخوف وهيب، فسكونهما ألفا فقالوا: طال وخاف، ثم أعلوا أيضا فعل كذلك لتوالى الفتح ولتكون كأختيها فقالوا: قام وباع وآب، وحملوا على / ذلك الاسم فقالوا: مال ودار وساق، أصله: مول ودور وسوق، إذ هي من الواو (لقولهم): أموال، ودار يدور، والسوق. وقالوا: رجل خاف ومال، أصله: خوف ومول، وكذلك ما أشبهه. وأما فعل في الأسماء من المعتل فقال ابن جني: "لا أعلمه جاء اسما فيما عينه معتلة لا صحيحا ولا معتلا". ثم ذكر أنك لو بنيت من قام مثل عضد لقلت: قام، وأصله: قوم، فقلبت الواو ألفا إذ تحركت وانفتح ما قبلها، كما قالوا: طال، وأصله طول.