(أنه) يقول: اقلب في حال الإدغام، أي في زمان الإدغام، والحال مقدرة بالظرف، والقلب في زمان الإدغام محال؛ إذ الإدغام إنما هو من إدغام المثلين في الحقيقة، وإن كان كأنه معدود من إدغام المتقاربين لتقاربهما في الصفات من المد واللين وغير ذلك، ولا تكون الواو مثل للياء إلا بعد قلبها ياء، فإذا لا يكون الإدغام إلا بعد قلبها ياء، وإذا كان كذلك أشكل قوله: "اقلبن مدغما"، لأن القلب ليس في حال الإدغام، بل بعده.
والجواب: أن الحال هنا مقدرة، أي: اقلبن مقدرا للإدغام، أي: إن القلب لا يكون إلا على هذا التقدير. وكذا هو في حقيقة الأمر، لأن الإعلال هنا لا موجب له إلا ثقل اجتماع الواو والياء، فأرادوا أن يزيلوا ذلك، فلم يتأت لهم إدغام أحدهما في الآخر؛ إذ لا يصح ذلك فيهما من غير قلب أحدهما إلى الآخر، فقلبوا الواو ياء لأجل أن يدغموا أحدهما في الآخر، فالحال هنا هي الحال المقدرة، وعليه جاء معنى الكلام، ومثل هذه الحال قوله تعالى: {وفجرنا الأرض عيونا}، أي: فجرنا مقدرين هذه الحال لها، وهي كونها عيونا، إذ لم تكن عيونا في حال التفجير، وإنما حصل كونها عيونا بعد حصول التفجير، أو بعد فرضه موجودا، وكذلك مسألتنا.
ثم نبه على شذوذ ما شذ عن القاعدة فقال: "وشد معطي غير ما قد سما"؛ غير: منصوب بمعطى على المفعول الثاني، ومعطى على حذف الموصوف للعلم به، أي: شذ لفظ معطى كذا، يعني أن كل كلمة اجتمعت فيها الشروط المذكورة ولم يحصل فيها ذلك الحكم من قلب الواو ياء وإدغام الياء في الياء،