والمسألة الثانية: أنه فرض ههنا بناء مثال آخر وأجازه، أما فرض البناء فكأنه (غير) متفق على صحته عند الحذاق في الجملة، وقد بوب عليه سيبويه، وهو أن تبنى من المعتل ما له نظير من الصحيح وتبين وجه اعتلاله. وتعدى به الناس إلى البناء (من) الصحيح ما له نظير من الصحيح، وهو من الاختراع الحسن في معناه، وهو في المفردات نظير باب الإخبار في المركبات وكثيرا ما يغلط (الناس) فيه كغلطهم في الأخبار أو أشد، لصعوبة مرامه، وبعد أغراضه، ولطف الصنعة، فيه، وخفاء مبانيه. لكن من تنبه له وتمرن فيه عد نبيل القوم، ورافع راية الإمامة في التصريف. والناظم قد ظهر منه إجازة ذلك كمذهب الجمهور، وذهب الجرمي إلى المنع من ذلك رأسا محتجا بأن النحوي إنما كلامه فيما تكلمت به العرب، وفيه تقع الفائدة المطلوبة من النحو، لأن اختراع اللغة باطل، وإذا كان كذلك فلا معنى لها الفن، وإذ هو تشاغل بما لم تتكلم به العرب، فهو تعطيل للزمان من غير ثمرة. والذين أجازوا اختلفوا على القولين:

أحدهما: جواز البناء مطلا كان له نظير في كلام العرب أو لم يكن. وهو مذهب الأخفش، وحجته أنك بنيت مثلا مثل جالينوس أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015